كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لمن بعث البشير النذير، السراج المنير بالشريعة البيضاء النقية، والحنيفية الغراء السوية البهية، وعلى اله الحاملين لرايات السمنة المجلين بأنوار علومهم كل ظلمة ودجنة، وبعد: فإنه وصل إلى الحقير محمد بن على الشوكاني- غفر الله لهما-[3] هذا السؤال النفيس، فلنتكلم في جواب المسألة الأولى من مسألتي السؤال، وهي مسالة المولد. فأقول: لم أجد إلى الآن دليلا يدلا على ثبوته من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا استدلال، بل أجع المسلمون أنه لم يوجد في عصر خير القرون، ولا الذين يلونهم، ولا الذين يلونهم. وأجمعوا أن المخترع له السلطان المظفر أبو (¬1) سعيد كوكبوري بن زين الدين علي بن سبكتين صاحب أربل (¬2)، وعامر الجامع المظفري بسفح قاسيون.
قف على ابتداع المولد (¬3) في القرن السابع.
¬_________
(¬1) وقد ذكر ابن كثير في " البداية والنهاية " نقلا عن سبط ابن الجوزي أنه قال فيما ذكره عن سلطان إربل: أنه كان يعمل للصوفية في المولد سماعا من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهم.
وكما ترى في هذا الكلام والذي يأتي بعده- أبلغ رد على من تجاوز الحد في مدحه والثناء عليه بالعدل وحسن السيرة والسريرة.
(¬2) وإربل: قلعة حصينة، ومدينة كبيرة في فضاء من الأرض واسع بسيط وهى على تل عال من التراب. تعد من أعمال الموصل وبينهما مسيرة يومين.
قال ياقوت الحموي بعد ذلك " وطباع هذا الأمير- مظفر الدين كوكبري بن زين كوجك علي- مختلفة متضادة فإنه كثير الظلم عسوف بالرعبة، راكب في أخذ الأموال من غير وجهها وهو مع ذلك مفضل على الفقراء كثير الصدقات على الغرباء. "
معجم البلدان (1/ 138).
(¬3) قيل: إن المولد بدعة أحدثها- الفاطميون العبيديون من الباطنيين كما نقله المقريزي في " خططه " (1/ 490) والقلقشندي في " صبح الأعشى "
(3/ 498). وقال صاحب: الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص 13): من أنه- المظفر اقتدى بفعل

الصفحة 1087