كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

وهو في المائه السابعة، ولم ينكر أحد من المسلمين أنه بدعة (¬1).
وإذا تقرر هذا لاح للناظر أن القائل بجوازه بعد تسليمه أنه بدعة، وأن كل بدعة (¬2) ضلالة بنص المصطفى- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لم يقل إلا. مما هو ضد للشريعة المطهرة، ولم يتمسك بشيء سوى تقليده لمن قسم (¬3) البدعة إلى أقسام ليس عليها آثار من علم. والحاصل أنا لا نقبل من القائل بالجواز مقالة إلا بعد أن يقيم دليلا يخص هذه
¬_________
= الشيخ عمر بن محمد الملا، وهو أول من أحدثه، وذكر دلك أيضًا سبط ابن الجوزي في " مرآة الزمان " (8/ 310) وعمر الملا هذا من كبار الصوفية المبتدعين، ولا يستبعد أن يكون عمل المولد تسرب إلى الشيخ عمر الملا من العبيديين فإنهم أخذوا الموصل سنة 347 كما في " البداية والنهاية " (11/ 232) ومولد المظفر سنة 549 هـ كما في التكملة (3/ 354).
وولي السلطة بعد وفاة أبيه 563 هـ كما في سر أعلام النبلاء (22/ 335).
فإن البدعة في الدين لا تقبل من أي أحد كان لنصوص الأحاديث الواردة في ذم الابتداع، فلا يمكننا أن نعارضها بعمل الملك المظفر وإحداثه ثم عدالته لا توجب عصمته كما لا يخفى ".
(¬1) قال ابن تيمية في " مجموع فتاوى " (10/ 370 - 371): " ومعلوم أن كل ما لم يسنه ولا استحبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا احد من هؤلاء الذين يقتدي هم المسلمون في دينهم فإنه يكون من البدع المنكرات ولا يقول احد في مثل هذا إنه بدعة حسنة. ".
(¬2) أخرجه مسلم في صحيحة رقم (867) من حديث جابر وفيه " .... أما بعد: فان خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد. وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة. ".
(¬3) قال أبو حفص تاج الدين الفاكهاني في " المورد في عمل المولد " (ص 20):- لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ولم ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار المتقدمين بل هو بدعة أحدثها المبطلون وشهوة نفس اعتني بها الآكلون بدليل أنا إذا أدرنا عليها الأحكام الخمسة قلنا: إما أن يكون واجبا أو مندوبا أو مباحا أو مكروها أو محرما وليس هو بواجب إجماعا ولا مندوبا لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشارع من غير ذم على تركه وهذا لم يأذن فيه الشارع ولا فعله الصحابة والتابعون ولا العلماء المتدينون فيما علمت وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سئلت ولا جائزا ولا مباحا لأن الابتداع في الدين ليس مباحا بإجماع المسلمين فلم يبق إلا أن يكون مكروها أو محرما. ". .
وقال النووي قي " تذهيب الأسماء واللغات " البدعة في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي منقسمة إلى: حسنة وقبيحة. وفي هذا التقسيم نظر.
انظر " حسن المقصد " للسيوطي (ص 15).
وذكر الثاني في كتاب الاعتصام (1/ 111) ما رواه ابن حبيب عن ابن الماجشون قال: سمعت مالكا قول: " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خان الرسالة، لأن الله يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا.

الصفحة 1088