كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

المنكرات، وذريعة إلى كثير من المفاسد [5]. واتفاق مثل هذه الموالد التي لا تشتمل على غير الطعام والذكر أعز من الكبريت الأحمر.
وقد تقرر أن سد الذرائع (¬1) وقطع علائق الوسائل إلى ما لا يجوز من قواعد الشريعة المهمة الحط جزم بوجوبها الجمهور، وأنت إن بقيت فيك بقية من إنصاف لا تنكر هذا. وإذا قد تبين لك أنه لم يقل أحد من أهل البيت وأتباعهم بجواز المولد، وأردت أن تعرف قول من عداهم، فنقول: قد قررنا لك الإجماع على أنه بدعة من جميع المسلمين، ولكن للملوك تأثيرا في تقويم البدع وهدمها، فلما كان المبتدع لهذه البدعة ذلك الملك (¬2) ساعده ابن (¬3) دحية وألف في ذلك مجلدا سماه: التنوير في مولد البشير النذير، وهو مع توسعه في علم الرواية لم يأت في ذلك الكتاب بحجة نيرة.
لا جرم إجازة ألف (¬4) دينار كما ذكر ابن خلكان، ومحبة الدنيا تفعل أكر من هذا.
ثم بعد حدوث هذا المولد قام الخلاف على ساق، وكثرت في ذلك المؤلفات من المانع. والمجوز، فمن جمله المؤلفين في ذلك الفاكهاني (¬5) المالكي، ألف كتابا سماه: المص رد في الكلام على عمل المولد وشنع وبشع، ومن جملة ما أنشده في ذلك الكتاب لشيخه
¬_________
(¬1) الذرائع: هي الوسائل، والذريعة، هي الوسيلة والطريق إلى الشيء سواء أكان هذا الشيء مفسدة أو مصلحة، قولا أو فعلا. ولكن غلب إطلاق اسم " الذرائع " على الوسائل المفضية إلى المفاسد فإذا قيل: هذا من باب سد الذرائع، فمعنى: أنه من باب منع الوسائل المؤدية إلى المفاسد.
انظر بكلام الموقعين لابن الجوزي (3/ 135 - 159).
(¬2) المظفر أبو سعيد كوكبوري بن زين الدين علي وقد تقدمت ترجمته
(¬3) تقدمت ترجمته.
(¬4) يقصد ما قدمه الملك لابن دحية مقابل تأليفه للكتاب المذكور أنفا.
(¬5) هو عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الإسكندري المشهور بـ " تاج الدين الفاكهاني " فقيه، نحوي، مفسر، مقرئ ولد سنة أربع وخمسين وست مائة.
من مصنفاته:- الإشارة في النحو.
- المنهج المبين في شرح الأربعين. =

الصفحة 1091