كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 2)

الاعتراف بأنه بدعة، ولم يأت بحجة أصلا. وأما تخريجه من حديث (¬1) أنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله (¬2) تعالى كما فعل ابن حجر، أو من حديث أنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عق عن نفسه (¬3) بعد النبوة.
¬_________
= الأحكام الخمسة، ويقال: إن منها حسنة وسيئة هي البدع في العادات.
وأما البدع في الدين فلا تكون إلا سيئة، كما صرح به المحققون وذكر ذلك الفقيه ابن حجر الهتيمي المكي في الفتاوى الحديثة (ص 60).
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (2004) ومسلم في صحيحة رقم (1130) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: "ما هذا " قالوا:
هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله نبي إسرائيل من عدوهم. فصامه موسى. قال: فأنا أحق. بموسى منكم " فصامه وأمر بصيامه ".
(¬2) يقال لهم: صحيح أن النعم تستوجب الشكر عليها والنعمة الكبرى على هذه الأمة هي بعثة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس مولده: إذ القرآن لم يشر إلى المولد رسم يهتم به وإنما أشار إلى بعثته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أنها نعمة ومنة من الله تعالى قال جل وعلا: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} [آل عمران: 164].
وقال جل شأنه: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آيته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} [الجمعة: 2].
وهذا هو الشأن في جميع الرسل، فان العبرة ببعثهم لا. بمولدهم كما قال قال: {كان الناس أمة وحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنزرين} [البقرة: 213].
وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطغوت} [النحل:36]. .
فلو كان الاحتفال جائزا لكان الأولى به ذكرى بعثته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس مولده، وصوم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم عاشوراء وهو مشرع ومبلغ عن ربه لا يجوز لنا أن نقيس عليه فنبتدع، إذ المطلوب هنا أن نتبع ولا نبتدع.
(¬3) أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (994) والبزار في مسنده (2/ 74 - كشف) قال البزار: تفرد به عبد الله بن المحرر، وهو ضعيف جدا إنما يكتب عنه ما لا يوجد عند غيره. وأورده الهيثمي في المجمع (4/ 59) وقال: رجال الطبراني رجال الصحيح خلا الهيثم بن جميل وهو ثقة وشيخ الطبراني أحمد بن مسعود الخياط المقدسي ليس هو في الميزان ".
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/ 244) عنه: المحدث الإمام لقيه الطبراني ببيت المقدس سنه 274 هـ.
قلت: في سنده عبد الله العمري وهو ضعيف.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 300) وعبد الرزاق في المصنف (4/ 29 رقم 7960) وقال عبد الرزاق إنما تركوا عبد الله بن المحرر لهذا الحديث كما في تحفة المودود (ص 104) بتحقيقي.
وقال البيهقي، وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن قتادة، ومن وجه ثان عن أنس وليس بشيء ثم أضاف النووي في المجموع (8/ 432) بعدما أورد كلام البيهقي قائلا: فهو حديت باطل، وعبد الله بن المحرر ضعيف متفق على ضعفه، قال الحفاظ: هو متروك.

الصفحة 1094