كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد: فإنه وصل إلى من بعض العلماء في سنة 1207 هـ سؤال حاصله: أن الفاء في قوله تعالى: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} (¬1) واقعة في موقع الدليل، لوقوعها متعقبة، ولم يظهر فيها معنى الدليل؟ فأجبت. مما لفظه:
حمدا لك يا فاتح أقفال كل إشكال (¬2)، وشكرا لك يا مانح حل عقد حبال الأعضال (¬3)، وصلاة وسلاما على خير الخليقه، وعلى آله المطهرين حماة الحقيقة على الحقيقة، وبعد:
فإن هذا سؤال لا ينتجه إلا فكر يخترق طباق أستار خرائد (¬4) أبكار الأفكار، وفهم يجول ويصول في مدارج الإدراك إن هبت للمشكلات ريح ذات إعصار؟ فلله در منشيه، ولله در موشيه، ولا شك أن قول الله- عز وجل-: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك} (¬5) إن جعل كما لاح للسائل- كثر الله من فوائده،
¬_________
(¬1) [البقرة: 259]
(¬2) أشكل الأمر: التبس، وأمور أشكال: ملتبسة. والأشكال الأمور والحوائج المختلفة فيما يتكلف منها ويهتم لها.
لسان العرب (7/ 176).
(¬3) من عضل وأعضل بي: هو من العضال وهو الأمر الشديد الذي لا يقوم به صاحبه، أي ضاقت على الحيل في أمرهم وصعبت على مداراتهم ويقال أعضل الأمر فهو معضل.
لسان العرب (9/ 260).
(¬4) من خرد، الخريدة والخريد والخرود من النساء البكر التي لم تمس قط وقيل هي الحبية الطويلة السكوت الخافضة الصوت الخفرة المتسترة قد جاوزت الإعصار ولم تعنس والجمع خرائد وخرد.
(¬5) [البقرة: 259]

الصفحة 1113