كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

الصحيح الكامل، بل مجرد ما يصدق عليه مسمى الإتباع. ولهذا قال: " ولو بالاسم " وجعل المراد بقوله: {فوق الذين كفروا} الجاحدين لنبوة عيسى.
وقال في المجيد (¬1): إن " الكاف " في اتبعوك ضمير عيسى، وقيل خطاب (¬2) للنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو من تلوين الخطاب. انتهى.
إذا تقرر لك ما ذكره هؤلاء الأئمة الذين هم المرجع في تفسير كتاب الله- عز وجل- عرفت أن كلامهم قد تضمن الخلاف في ثلاثة مواطن من الآية الكريمة، أعني قوله تعالى:} وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا {(¬3).
الموطن الأول: في تفسير الضمير الذي هو " الكاف " في " اتبعوك "، فالجمهور على أنه راجع إلى عيسى- عليه السلام- وهو ظاهر السياق، فإنه لا خلاف أن الضمير في قوله:} متوفيك ورافعك إلى ومطهرك {لعيسى، فينبغي أن يكون الضمير في المعطوف، وهو} وجاعل الذين اتبعوك & مثل الضمير في المعطوف عليه. وقيل هو لمحمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[4] كما ذكره صاحب المجيد.
ويؤيد هذا ما أخرجه ابن عساكر (¬4) عن بعض الصحابة قال: جمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " أنها لن تبرح عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على
¬_________
(¬1) " المجيد وإعراب القرآن المجيد " للسفاقسي مخطوط (357/ ب).
(¬2) قال ابن الأنباري في " البيان غريب إعراب القرآن (1/ 206): (وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا {فيه وجهان:
الأول: " أن يكون معطوفا على ما قبله لأنه خطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما قبله حطاب لعيسى.
الثاني: أنه معطوف على الأول وكلاهما لعيسى " اهـ.
وانظر: " مشكل إعراب القرآن " للقيسي (1/ 143).
(¬3) [آل عمران: 55]
(¬4) عزاه إليه السيوطى في الدر المنثور (2/ 226) من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

الصفحة 1134