كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

الناس، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " ثم نزع هذه الآية- أي قرأ بها: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} (¬1).
ووجه جعل هذا الحديث مؤيدا كون ذلك الضمير لمحمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصف أمته بتلك الأوصاف، ثم قرأ الآية مستدلا ها على تلك الأوصاف، فلو كان الضمير لعيسى لم يصح الاستدلال بالآية.
فالحاصل أن السياق يرشد إلى ما قاله الجمهور، وهذا الحديث يرشد إلى ما قاله غيرهم. وسيأتي التصريح. مما هو الراجح، والجمع بين جميع الأقوال.
الموطن الثاني: الخلاف في تفسير المتبعين بصيغة اسم الفاعل. وقد اختلف في ذلك على أقوال:
الأول: إنهم المسلمون.
والثاني: النصارى.
الثالث: المسلمون والنصارى.
الرابع: الحواريون.
الخامس: الروم.
وقد وردت آثار عن السلف قاضية بأنهم المسلمون [5]، فمنها ما أخرجه عبد بن حميد (¬2)، وابن جرير (¬3) عن قتادة في تفسير قوله تعالى: {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} (¬4) قال: هم أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.
¬_________
(¬1) [آل عمران: 55]
(¬2) ذكره السيوطى في " الدر المنثور " (2/ 226).
(¬3) في "جامع البيان " (3/ ج 3).
(¬4) [آل عمران: 55]

الصفحة 1135