كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

وأخرج ابن جرير (¬1) عن ابن جريج قال: معنى الآية ناصر من اتبعك على الإسلام على الذين كفروا إلى يوم القيامة .. وأخرج ابن أبي حاتم (¬2) عن الحسن قال: هم المسلمون ونخن منهم، ونحن فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة. ومن الأدلة على هذا الحديث المذكور في الموطن الأول.
ومن الآثار الدالة على أفم النصارى ما أخرجه ابن جرير (¬3) عن ابن زيد في تفسير الآية قال: النصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة.
ومن الآثار الدالة على أهم المسلمون والنصارى ما أخرجه ابن المنذر (¬4) عن الحسن في الآية قال: عيسى مرفوع عند الله، ثم ينزل يوم القيامة، فمن صدق عيسى ومحمدا - صلى الله عليهما- وكان على دينهما لم يزالوا ظاهرين على من فارقهم إلى يوم القيامة.
المواطن الثالث: الخلاف في تفسير: {الذين كفروا} المذكورين في الآية [6] ....
. فذهب الجمهور إلى أنهم اليهود، وذهب الأقلون إلى أهم الذين ستروا ما يعرفونه من نبوة عيسى، وذهب آخرون إلى أنهم الذين مكروا بعيسى.
وإذا قد عرفت الاختلاف بين أئمة التفسير في هذه الثلاثة المواطن فاعلم أن معرفة الراجح والمرجوح لا تتم إلا بعد إمعان النظر في هذه الآية الكريمة، فأقول: لا ريب أن صيغة {الذين اتبعوك} من صيغ (¬5) العموم، وكذلك صيغة {الذين كفروا} من
¬_________
(¬1) في "جامع البيان " (3/ ج 3).
(¬2) في تفسيره (2/ 663 رقم 3593).
(¬3) في "جامع البيان " (ج 3).
(¬4) ذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 227).
(¬5) قال صاحب الكوكب المنير (3/ 123): ومن صيغ العموم أيضًا الاسم (الموصول) سواء كان مفردا كالذي، التي، أو مثنى {والذان يأتيانها منكم} [النساء: 16]، أو مجموعا تحو قوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} [الأنبياء: 101]. وانظر: تيسير التحرير (1/ 224) 0 المعتمد (1/ 206).

الصفحة 1136