كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

الأبرار (¬1) سيئات المقربين. وأما سيئات المقربين. وأما التمسك بقوله تعالى: {وجزاؤ سيئة سيئة مثلها} (¬2) فكلام ظاهري عن التحقيق بمعزل لأن أئمة التفسير والبيان قد صرحوا بأن إطلاق لفظ السيئة على ما وقع خبرا عن المبتدأ من باب المشاكلة (¬3)، والمصير إلى ذلك متحتم {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} (¬4)، {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (¬5) وغير ذلك مما يكثر تعداده.
وما أدري كيف وقع. اللبس في مثل هذا على المقبلي- رحمه الله-؛ فإن ما وقع التمسك على حمل الاستثناء (¬6) على الانقطاع هو منادى، ثم مناداه على .... ....
¬_________
(¬1) "حسنات الأبرار سيئات المقربين " ليس بحديث وهو من كلام أبي سعيد الخراز كما رواه ابن عساكر في ترجمته وهو من كبار الصوفية مات في سنة،28 هـ.
وانظر: " كشف الخفاء " رقم (1137) " الشذرة في الأحاديث المشتهرة " (4/ 254 رقم 357) و" المقاصد " رقم (404).
(¬2) [الشورى: 40]
(¬3) المشاكلة: ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا.
قوله: {وجزاؤ سيئة سيئة مثلها} [الشورى: 40] لأن الجزاء حق لا يوصف بأنه سيئة.
وسمي سبحانه جزاء الاعتداء سيئة لوقوعه في نظم الكلام تحقيقا. وقال محط الدين قي " إعراب القرآن " (9/ 45): جناس المزاوجة ي قوله: {وجزاؤ سيئة سيئة مثلها} جناس المزاوجة اللفظي وإن السيئة الثابتة ليست سيئة وإنما هي مجازاة عن السيئة، سميت باسمها لقصد المزاوجة. ومتله في سورة البقرة قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} فقد سمي سبحانه وتعالى جزاء الاعتداء اعتداء ليكود في نظم الكلام مزاوجة وبعضهم يعبر عنها بالمشاكلة.
وانظر: " معترك الأقران " (1/ 312).
(¬4) [الشورى: 41]
(¬5) [البقرة: 194] انظر التعليقة السابقة.
(¬6) تقدم التعليق على دلك.

الصفحة 1173