كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

[بسم الله الرحمن الرحيم]
صورة سؤال إلى شيخ الإسلام- رضي الله عنه - أشكل على محبكم العلامة الزمخشسري (¬1) في فوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} (¬2) حيث قال: وأن في " أن لا تشركوا " مفسرة (¬3)، "ولا" للنهي.
فإن قلت: فهلا قلت: هي التي تنصب الفعل، وجعلت أن لا تشركوا بدلا (¬4) ما
حرم؟ قلت (¬5): وجب أن .... .... .... .... .... .... .... .....
¬_________
(¬1) في " الكشاف " (41112).
(¬2) [الأنعام: 151]
(¬3) قوله "أن لا تشركوا "فيه أوجه أحدها: أن (أن) تفسيرية لأنه تقدمها ما هو. بمعنى القول لا حروفه و"لا" هي ناهية و"تشركوا" مجزوم ها، وهذا وجه ظاهر، وهو اختيار الفراء- في معاني القرآن (1/ 364) قال: " ويجوز أن يكون مجزوما "لا" على النهى كقولك أمرتك أن لا تذهب إلى زيد بالنصب والجزم. ثم قال: والجزم في هذه الآية أحب إلى كقوله تعالى: {أوفوا الميكال والميزان} [هود: 85]. " الدر المصون " (5/ 214).
(¬4) في المخطوط (مما) وما أثبتناه من الكشاف (2/ 411).
(¬5) الزمخشري، ثم تابع فقال: " فإن قلت فما تصنع بقوله: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه} [الأنعام:153]. فيمن قرأ بالفتح، وإنما يستقيم عطفه على ألا تشركوا، إذا جعلت أن هي الناصبة للفعل، حتى يكون المعنى: أتل عليكم نفى الإشراك والتوحيد، وأتل عليكم أن هذا صراط! مستقيما. قال:- الزمخشري- أجعل قوله: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه} [الأنعام: 153]
علة للإتباع بتقدير اللام كقوله تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} [الجن:18]. بمعنى: ولأن هذا صراطا مستقيما فاتبعوه، والدليل عليه القراءة بالكسر، كأنه قيل: "واتبعوا صراطي، لأنه مستقيم " أو: " واتبعوا صراطي"، إنه مستقيم ".
فإن قلت: إذا جعلت: "أن " مفسرة لفعل التلاوة، وهو معلق مما حرم ردكم وجب أن يكون ما بعده منهيا عنه محرما كله، كالشرك، وما بعده مما دخل عليه حرف النهي، فما تصنع بالأوامر!
قلت: لما وردت هذه الأوامر مع النواهي، وتقدمهن جميعا معل التحريم، واشتركن في الدخول تحت حكمه، علم أن التحريم راجع إلى أضدادها، وهي الإساءة إلى الوالدين، وبحس الكيل والميزان، وترك العدل في القول، ونكث عهد الله {من إملاق} من أجل فقر ومن خشيته، كقوله تعالى: {خشيه إملاق} [الإسراء: 31]. {ما ظهر منها وما بطن}، مثل قوله: {ظهر الإثم وباطنه} [الأنعام: 120]، {إلا بالحق} كالقصاص، والقتل على الردة والرجم. انتهى كلام الزنحشري.

الصفحة 1183