كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

[يكون] (¬1) "لا تشركوا "، و" لا تقربوا "، و" تقتلوا "، "ولا تتبعوا السبل " نواهي لانعطاف الأوامر عليها (¬2)، وهي قوله: {وبالوالدين إحسانا}؛ لأن التقدير: وأحسنوا بالوالدين إحسانا إلى آخر كلامه، فخطر في بال القاصر عن التحقيق أنه لم يقدر العلامة الزمخشري بأن يقول: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا، ويكون لا يريده ويقدر متعلق (¬3) وبالوالدين إحسانا وصماكم بالوالدين إحسانا،
¬_________
(¬1) زيادة من الكشاف (2/ 411).
(¬2) وأما عطف هذه الأوامر فيحتمل وجهين:
أحدهما: أنها معطوفة لا على المناهي قبلها فيلزم انسحاب التحريم عليها حيت كان في حيز " أن " التفسيرية، بل هي معطوفة على قوله: {تعالوا أتل ما حرم} أمرهم أولا لأمر يترتب عليه ذكر مناه ثم أمرهم ثانيا لأوامر وهدا معنى واضح.
الثاني: أن تكون الأوامر معطوفة على المناهي وداخلة تحت " أن " التفسيرية، ويصح ذلك على تقدير محذوف تكون "أن " مفسرة له وللمنطوق قبله الذي دل على حذفه، والتقدير: وما أمركم به فحذف وما أمركم به لدلالة ما حرم عليه، لأن معنى ما حرم ربكم: ما فاكم ربكم عنه فالمعنى: تعالوا أتل ما نهاكم ربكم عنه وما أمركم به، وإذا كان التقدير هكذا صح أن تكون " أن " تفسيرية لفعل النهي لدالة عليه التحريم وفعل الأمر المحذوف ألا ترى أنه يجوز أد تقول: " أمرتك أن لا تكون جاهلا وأكرم عالما". إذ يجوز أن يعطف الأمر على النهي والنهى على الأمر. " الدر المصون " (5/ 215)، " إعراب القرآن الكريم "، محيى الدين الدرويش (3/ 274).
(¬3) انظر كلام الزمخشري في الكشاف (2/ 411) وقد تقدم.
وقال الرازي في تفسيره (13/ 232): فإن قيل: فقوله: {وبالوالدين إحسانا} معطوف على قوله {ألا تشركوا به شيئا} فوجب أن يكون قوله {وبالوالدين إحسانا} مفسرا لقوله {أتل ما حرم ربكم عليكم} يلزم أن يكون الإحسان بالوالدين حراما وهو باطل.
قلنا: لما أوجب الإحسان إليهما فقد حرم الإساءة إليهما. .
وقيل: لا يتعين أن تكون جميع الأوامر معطوفة على ما دخل عليه " لا " لأنا بينا جواز عطف {وبالوالدين إحسانا} على " تعالوا " وما بعده معطوف عليه، ولا يكون قوله {وبالوالدين إحسانا} معطوفا على أن لا تشركوا ".
الدر المصون (5/ 216). .
وقيل: أن تكون هي وما بعدها في محل نصب بإضمار فعل تقديره: أوصيكم أد لا تشركوا، لأن قوله: (وبالوالدين إحسانا & محمول على أوصيكم بالوالدين إحسانا. " معاني القرآن وإعرابه " (2/ 334).

الصفحة 1184