كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

تفسيره (¬1)، فإنه قال في تفسير الحساب أنه حساب الأوقات والأيام والليالي انتهى. وظاهر هذا أن المراد معرفة نفس الأيام والليالي، وأنها جزء من أجزاء الوقت معين لا حساب أجزائها. وقد صرح أبو السعود (¬2) هذا. وسيأتي كلامه قريبا.
البحث الثالث: استشكال تفسير الزمخشري (¬3) للحساب بغير حساب السنن، وكيف لم يقل لتعلموا عدد السنين والحساب، وهو حساب السنن من الأيام والليالي والأشهر، فإنه لم يظهر معنى قوله، أي: حساب الأوقات.
والجواب عن هذا قد استوفاه أبو السعود في تفسيره (¬4) فقال: يخصص العدد بالسنين والحساب والأوقات، لأنه لم يعتبر في السنين المعهود معنى مغايرا لمراتب كما اعتبر في الأوقات المحسوبة. وتحقيقه أن الحساب أحصى ماله كمية انفصالية بتكرير أمثاله بحيث يتحصل لطائف! معينة منها عدد معين، له اسم خاص، وحكم مستقل كالسنة المتحصلة من اثني عشر شهرا. وقد يحصل كل شهر من ثلاثين يوما وليلة قد يحصل كل واحد من ذلك من أربعة وعشرين ساعة مثلا، والعدد مجرد إحصائية بتكرير أمثاله من غير اعتبار أن يتحصل بذلك شيء كذلك، وإنما لم يعتبر في السنين المعدودة تحصل حد معين له اسم خاص غير أسامي مراتب الأعداد، وحكم مستقل أضيف إليها العدد.
وتحصل مراتب العدد من العشرات والمئات والألوف اعتباري لا يجدي في تحصيل المعدود نفعا. وحيث اعتبر في الأوقات المحسوبة تحصيل ما ذكر من المراتب التي لها أسام خاصة، وأحكام مستقلة علق ها الحساب المنبئ عن ذلك، والسنة من حيث تحققها في نفسها مما لا يتعلق به الحساب وإنما الذي يتعلق به العدد طائفة منها، وتعلقه في ضمن ذلك لكل واحد من تلك الطائفة ليس من الحيثية المذكورة أعني: حيثية تحصيلها من على
¬_________
(¬1) (11/ 56)
(¬2) في تفسيره " إشارة العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (2/ 629)
(¬3) (3/ 115)
(¬4) في تفسيره " إشارة العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (2/ 629)

الصفحة 1232