كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

أشهر قد تحصل كل واحد منها من عدة أيام، قد حصل كل منها بطائفة من الساعات، فإن ذلك وظيفة الحساب، بل من حيث إنها فرد من تلك الطائفة، من غير أن يعتبر معها شيء غير ذلك، فاتضح هذا ما رجحه المفسرون من تعلق الحساب بالأوقات لا بالسنن (¬1). ويؤيده قوله تعالى في سورة الإسراء: {لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب} (¬2).
فإن قلت: العلم بكون الشهر وقتا من الأوقات، وكذلك اليوم والليلة ظاهر لكل أحد غير مفتقر إلى الاستعانة بسير القمر وتقديره منازل.
قلت: معرفة كون الشهر شهرا لا بتم بدون النظر في سير القمر، أقل الأحوال طلوعه في أول كل شهر، وطلوعه كذلك متوقف على سيره في تلك المنازل، ثم يترتب على ذلك أن هذا الشهر مثلا أول أجزاء الوقت الشهرية أو الثاني أو الثالث، وكذلك اليوم والليلة أول أجزاء الوقت اليومية أو الليلية أو الثاني أو الثالث، وليس الشهر لعدد معلوم يمكن الاستغناء به عن النظر في القمر. وأما اليوم والليلة فهما وإن كانا يعرفان بالإضاعة والإظلام، لكن كون هذه الليلة هي الأولى من الشهر أو الوقت أو الثانية أو الثالثة متوقف على النظر في القمر، وكذلك اليوم بالتبعية.
البحث الرابع: استشكاله- عافاه الله- لكلام السعد حيث قال: وقدره ضمير للقمر بم إذ لا مذكور يصلح لذلك سواه، أي: لتقدير المنازل فقال: وهذا مشكل، فإن
¬_________
(¬1) قال الألوسى في تفسيره (11/ 70 - 71): ولعل الأولى على هذا أن يحمل (السنين) على ما يعم السنين الشمسية والقمرية وإن كان المعتبر في التاريخ العربي الإسلامي السنة القمرية، والتفاوت بين السنتين عشرة أيام وإحدى عشرة ساعة ودقيقة واحدة، فإن السنة الأولى عبارة عن ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وخمس ساعات وتسع وأربعين دقيقة على مقتضى الرصد الإيلخاني والسنة الثانية عبارة عن ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وثماني ساعات وثمان وأربعين دقيقة، وينقسم كل منهما إلى بسيطة وكبيسة ... " ثم تابع كلامه. ممثل ما ذكره أبو السعود.
(¬2) [الإسراء: 12]

الصفحة 1233