كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

وورد بعده استشكال من السائل لبعض ما فيه فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء، والقمر نورا، وسخرهما بأمره تسخيرا،- وقدرهما منازل بنص الكتاب ليعلم بسيرهما عدد السنن والحساب، والصلاة والسلام على من أرسله ماحيا لظلام الضلال بضياء هدايته، وهاديا إلى سبيل الرشاد بنور رسالته، وعلى آله الذين طلعت شمس علومهم في سماء الفضل فانزاحت حنادس (¬1) الجهل، وعلى علماء أمته الذين خصهم بمزيد الفضل والشرف، وحفظ بهم علم الكتاب والسمنة بحمله خلف عن سلف، فلم يخل عصر من عالم يرجع إليه في توضيح المشكلات، ولم يتعطل زمن من فاضل يعول عليه في حل المعضلات. ومن ظن أن جيد الزمن عاطل من قلائد الفضل اللؤلؤية، وأن مهوى سيفه خاليا عن أقراط الكمال الجوهرية فلينظر إلى ما تقلد به جيد هذا الزمن من اللألئ اليتمية، وتقرط به سيف هذا الدهر من الجواهر الثمينة ليعلم أن هذا هو الدهر الأول، وأن ذلك العصر هو العصر المستقبل، وليتأمل ما أودع مولانا الأوحد، وعلامة العصر المفرد، وإنسان عين هذا العالم الإنساني محمد بن علي بن محمد الشوكاني- كثر الله فوائده، وأجزل له عوائده- وما أبدع في جوابه المسمى جواب السائل عن تفسير تقدير القمر منازل، فلقد كشف النقاب عن وجوه تلك المسائل، وأتى من التحقيق ما يعجز عنة جهابذة الأوائل، سوى أنه عرض للذهن القاصر ما عرض من إشكال معه في أطراف.
أولا فيما أطبق عليه أئمة التفسير من تقدير الحذف والتأويل على وجهين في تفسير قدرناه، فهلا أولو قدرناه بمعنى سيرناه، وجعلوا التقدير بمعنى. . . . . . . . . . . . . .
¬_________
(¬1) حندس: الجندس: الظلمة وفي الصحاح: الليل الشديد.
وليلة جندسة وليل حندس مظلم، والحنادس ثلاث ليالي من الشهر لظلمتهن. " لسان العرب" (3/ 356)

الصفحة 1240