كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

ما أوردتم على النيسابوري. أقول: ما ذكرتم هو عند بعض المشتغلين هذا العلم، وعند غيرهم ما ذكره النيسابوي (¬1). قالوا: سير القمر في كل منزلة ليلة حتى تكمل الثماني والعشرون ثم يستتر ليلتين إن كان الشهر كاملا، وليلة إن كان ناقصا. ومن جملة من صرح هذا أبو السعود في تفسيره (¬2) فقال: وهي معنى المنازل من ليلة المستهل إلى الثامنة والعشرين، فإذا كان في آخر منازله دن واستقوس، ثم يستتر ليلتين إذا ليلة إذا نقص الشهر انتهى.
والحاصل أن من ذهب إلى أن الشهر لا يزيد ولا ينقص بل هو مقدار معين محدود في كل شهر يتحصل من مجموعة ثلثمائة وأربعة وخمسين يوما قال بما ذكرتم. ومن ذهب إلى أن الشهور تختلف زيادة ونقصانا قال بأن الشهر قد يكون ثلاثين يوما، وقد يكون تسعة وعشرين يوما، وأنه لا ظهور للقمر في زيادة على المنازل الثماني والعشرين، بل يستتر من بعدها، ويحتجب عن الأبصار، وهذا هو المحسوس بالمشاهدة. ثم يتحصل من المجموع كما يتحصل من المجموع الأول، وهو ثلثمائة وأربعة وخمسون يوما، وهو السنة القمرية. وإذا تقرر هذا عرفتم عدم ورود ما أوردتم من أن السنة تكون على ما ذكره ثلثمائة وستة وثلاثين يوما، لأن هذا إنما يتم على فرض أن الشهر اسم للأيام التي تحل ها القمر في المنازل الثماني والعشرين، وهم لا يقولون بذلك لما عرفتم من أنهم يعدون من أيام الشهر يوم الاستتار أو يوميه.
قلتم- حفظكم الله-: وما ذكره النيسابوري (¬3) أن الشمس تقطع المنزلة في ثلاثة عشر يوما بلياليها وهم، والذي عليه علماء الهيئة أن الشمس تقطع المنزلة تارة في اثني عشر يوما، وتارة في ثلاثة عشر يوما، وتارة في أقل منهما، ومجموع قطعها للفلك في ثلثمائة وخمسة وستين يوما، ونحو ربع يوم تقريبا، وهذه هي السنة الشمسية.
¬_________
(¬1) في تفسيره (10/ 84)
(¬2) في تفسيره (2/ 630)
(¬3) في تفسيره (10/ 84)

الصفحة 1246