كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)
الولد لا يحصل إلا من نطفة الأب، والآيات فصلت خلق الإنسان من النطفة، والعلقة، والمضغة، وإن شأنه أربعون يوما نطفة، وأربعون مضغة، وأربعون علقة في سبعة أو ثمانية مواضع من كتاب (¬1) الله، وعيسى- صلوات الله عليه- لم يكن كذلك.
وأجاب سيدي الوالد العلامة الشرفي- كثر الله فوائده- بقوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} (¬2).
¬_________
(¬1) (منها): قال تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14].
(ومنها) قوله تعالى: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى .... } [الحج: 5].
(ومنها): {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
.} (غافر: 67).
وانظر: [فاطر: 11، يس: 17، النجم: 46، القيامة: 37، الإنسان: 2، عبس: 19]
(¬2) [آل عمران: 59].
أخرج الطبري في "جامع البيان " (3 ج 3/ 295) عن ابن عباس قوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، وذلك أن رهطا من أهل نجران، قدموا على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان فيهم السيد والعاقب، فقالوا لمحمد: ما شأنك تذكر صاحبنا؟ فقال: من هو؟. قالوا: عيسى. تزعم أنه عبد الله، فقال محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجل إنه عبد الله، قالوا له: فهل رأيت مثل عيسى، أو أنبئت به؟ ثم حرجوا من عنده، فجاءه جبريل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر ربنا السميع العليم، فقال: قل لهم إذا أتوك: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ}
الصفحة 1267
6373