كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 3)

الجواب
أقول- وبالله التوفيق-: قد اختلف أئمة التفسير في مرجع الضمير في قوله- عز وجل-: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} فقيل إنه راجع إلى الإنسان، وهو شامل لآدم ولذريته، وهذا على قول من قال: إن الإنسان المذكور في الآية هو آدم، وبه قال ابن عباس (¬1)، وعكرمة، وقتادة، ومقاتل. وقال الآخرون: الإنسان هاهنا هو ولد آدم، والطن هاهن أيضًا اسم لآدم، والسلالة (¬2) هي الأجزاء (¬3) اللطيفة المبثوثة في أعضائه، التي لما اجتمعت وحصلت في أوعية المني صارت منيا، وهذا التفسير مطابق لقوله تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (¬4)، وحينئذ فلا إشكال في مرجع الضمير، وهو لفظ الإنسان، وقيل (¬5) أن الإنسان إنما تتولد من النطفة، وهى إنما تتولد عن فضل الهضم الراتع، وذلك إنما تتولد من الأغذية، وهى: إما حيوانية، أو نباتية. والحيوانية تنتهي إلى النجاتية، والنبات إنما يتولد من صفو الأرض والماء؟ فالأنسان بالحقيقة يكون متولدا من سلالة من طين، ثم إن تلك السلالة بعد أن تواردن عليها أطوار الخلقة، وأطوار الفطرة صارت ميتا. قال الرازي (¬6): وهذا التأويل
¬_________
(¬1) ذكره الرازي في تفسيره
(23/ 84). والقرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (12/ 109)
(¬2) والسلالة: الخلاصة لأنها تسل من بين الكدر، فعالة وهو لناء يدل على القلة كالقلامة والقمامة- وهما الدور الأول من أدوار الخلق.
قاله الرازي في تفسيره (23/ 84).
وقال الكلبي: السلالة الطين إذا عصرته انسل من بين أصابعك فالذي يخرج هو السلالة. "الجامع لأحكام القرآن "القرطبي (12/ 109)
(¬3) ذكره الرازي مما في تفسيره (23/ 84)
(¬4) [السجدة: 7 - 8]
(¬5) ذكره الرازي في تفسيره (23/ 84)
(¬6) في تفسيره (23/ 84)

الصفحة 1270