كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

ثم ما كان على شرط مسلم، ثم ما صححه غيرهما من الأئمة. فهذه سبع رتب للصحيح بعضها أعلى من بعض، فأفاد ذلك أن الصحيح أنواع لا نوع واحد، وقد وقع الاختلاف من علماء الحديث في شرط البخاري ومسلم ما هو؟ فقال محمد بن طاهر في كتابه في شروط الأئمة (¬1): شرط البخاري ومسلم أن يخرجا الحديث المجمع على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور. قال العراقي (¬2) وليس ما قاله بجيد، لأن النسائي [5] ضعف جماعة أخرج لهم الشيخان أو أحدهما (¬3) وقال الحازمي في شروط الأئمة (¬4) ما حاصله: إن شرط البخاري أن يخرج ما اتصل إسناده بالثقات المتقنين من الملازمين لمن أخذوا عنه ملازمة طويلة، وإنه قد يخرج أحيانًا عن أعيان الطبقة التي تلي هذه في الإتقان والملازمة لمن رووا عنه، فلم يلزموه إلا ملازمة يسيرة. وإن شرط مسلم أن يخرج حديث هذه الطبقة الثانية.
وقد يخرج حديث من لم يسلم من غوايل الجرح، إذا كان طويل الملازمة لمن أخذ عنه كحماد بن سلمة في ثابت البناني وأيوب. وقال النووي (¬5) "إن المراد بقولهم على
¬_________
(¬1) (ص 86): وتمامه "من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلًا غير مقطوع، فإن كان للصحابي راويان فصاعدًا فحسن، وإن لم يكن إلا راوٍ واحد إذا صح الطريق إلى ذلك الراوي أخرجاه ... ".
(¬2) في ألفيته (ص 21 - 22).
(¬3) قال السيوطي في "تدريب الراوي" (1/ 125): وأجيب بأنهما أخرجا من أجمع على ثقته إلى حين تصنيفهما، ولا يقدح في ذلك تضعيف النسائي بعد وجود الكتابين ونقل عن ابن حجر جوابًا آخر حيث قال: قال شيخ الإسلام: تضعيف النسائي إن كان باجتهاده أو نقله عن معاصر فالجواب ذلك، وإن نقله عن متقدم فلا. قال: ويمكن أن يجاب بأنه ما قاله ابن طاهر - في شروط الأئمة (ص 8) - هو الأصل الذي بنيا عليه أمرهما، وقد يخرجان عنه لمرجع يقوم مقامه.
(¬4) (ص 151).
(¬5) في مقدمة شرحه لصحيح مسلم (1/ 3):

الصفحة 1614