كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

يتصل سنده من البخاري إلى الصحابي، بل من موضع التعليق فقط، وهو يدل على أنه يسوغ التصحيح وإن لم يتصل السند، كما في معلقات البخاري المجزومة [9] لا المروية بصيغة التمريض نحو أن يقول: يذكر، أو يروى، أو نحو ذلك مع أن ابن الصلاح (¬1) قد قال في مثل ذلك: إن إيراد البخاري له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارًا يؤنس به، ويركن إليه. انتهى.
وهذا من أعجب ما يحكى حيث يورد المعلق بصيغة ممرضة كأن يقول مثلًا: ويروى عن ابن عباس، أو يذكر عن ابن عباس لم يحكم بصحة ذلك مع أنه لم يكن بينه وبين
¬_________
(¬1) في التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح لزين الدين العراقي (ص 34).
قال زين الدين العراقي في شرحه لمقدمة ابن الصلاح (ص40 - 41) قوله مثل قول البخاري باب ما يذكر في الفخذ، ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. "الفخذ عورة" ا هـ.
اعترض عليه بأن حديث جرهد صحيح، وعلى تقدير صحة حديث جرهد ليس على المصنف رده لأنه لم ينف صحته مطلقًا، لكن نفى كونه من شرط البخاري فإنه لما مثل به - يعني ابن الصلاح - قال: فهذا قطعًا ليس من شرطه على أنا لا نسلم أيضًا صحته لما فيه من الاضطراب في إسناده، فقيل عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه عن جده وقيل عن زرعة عن جده ولم يذكر أباه، وقيل عن أبيه عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يذكر جده، وقيل عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن أبيه عن جده، وقيل عن زرعة بن مسلم عن جده ولم يذكر أباه، وقيل عن ابن جرهد عن أبيه ولم يسمه، وقيل عن عبد الله بن جرهد عن أبيه.
وقد أخرجه أبو داود وسكت عليه - رقم: (4014) والترمذي من طرق وحسنه - رقم: (2798) وقال في بعض طرقه: وما أرى إسناده بمتصل.
وقال البخاري في صحيحه: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط.
وقال الحافظ في الفتح (1/ 479): وقد وصل المصنف - البخاري - حديث أنس في الباب - رقم: 371 - وقوله "حديث أنس أسند" أي أصح إسنادًا، كأنه يقوله حديث جرهد ولو قلنا بصحته فهو مرجوح بالنسبة إلى حديث أنس، وقوله (حديث جرهد) أي وما معه (أحوط) أي للدين، وهو يحتمل أن يريد بالاحتياط الوجوب أو الورع وهو أظهر ..

الصفحة 1621