كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

وفي مسلم (¬1) أكثر من ذلك العدد على اختلاف في مقدار العدد بين الحفاظ.
وقد
¬_________
(¬1) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (1/ 25): عاب عائبون مسلمًا بروايته في صحيحه عن جماعة من الضعفاء والمتوسطين الواقعين في الطبقة الثانية الذين ليسوا من شرط الصحيح ولا عيب عليه في ذلك بل جوابه من أوجه ذكرها الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله - في صيانة مسلم (94 - 95):
أحدهما: أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عنده ولا يقال الجرح مقدم على التعديل؛ لأن ذلك فيما إذا كان الجرح ثابتًا مفسر السبب، وإلا فلا يقبل الجرح إذا لم يكن كذا، وقد قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي وغيره ما احتج البخاري ومسلم وأبو داود به من جماعة علم الطعن فيهم من غيرهم محمول على أنه لم يثبت الطعن المؤثر مفسر السبب.
الثاني: أن يكون ذلك واقعًا في المتابعات والشواهد لا في الأصول وذلك بأن يذكر الحديث أولًا بإسناد نظيف رجاله ثقات، ويجعله أصلًا ثم يتبعه بإسناد آخر أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة أو الزيادة؛ فيه تنبيه على فائدة فيما قدمه، وقد اعتذر الحاكم أبو عبد الله بالمتابعة والاستشهاد في إخراجه عن جماعة ليسوا من شرط الصحيح؛ منهم مطر الوراق، وبقية بن الوليد، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وعبد الله بن عمر العمري، والنعمان بن راشد، وأخرج مسلم عنهم في الشواهد في أشباه لهم كثيرين.
الثالث: أن يكون ضعف الضعيف الذي احتج به طرأ بعد أخذه عنه باختلاط حدث عليه فهو غير قادح فيما رواه من قبل في زمن استقامته كما في أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن أخي عبد الله بن وهب فذكر الحاكم أبو عبد الله أنه اختلط بعد الخمسين ومائتين بعد خروج مسلم من مصر فهو في ذلك كسعيد بن أبي عروبة وعبد الرزاق وغيرهما ممن اختلط آخرًا، ولم يمنع ذلك من صحة الاحتجاج في الصحيحين بما أخذ عنهم قبل ذلك.
الرابع: أن يعلو بالشخص الضعيف إسناده وهو عنده من رواية الثقات نازل فيقتصر على العالي ولا يطول بإضافة النازل إليه مكتفيًا بمعرفة أهل الشأن في ذلك.
وقال ابن القيم في زاد المعاد (4/ 278) مجيبًا من عيب على مسلم من إخراجه حديث من تكلم فيه ما نصه: "ولكن مسلم روى من حديثه ما تابعه عليه غيره ولم ينفرد به، ولم يكن منكرًا، ولا شاذًا".
انظر: الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح وأثره في علوم الحديث (2/ 430 - 433) وصيانة صحيح مسلم (ص 94 - 96) لابن الصلاح.

الصفحة 1624