كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

توثيق رجاله فلا يخلو عن وصمة، ولو كان مجرد نقل رجاله موجبًا لصحة السند لم يعرف أهل الحديث، فإنهم يقولون تارة: وسنده صحيح، بإسناد صحيح؛ وتارة يقولون: رجاله ثقات، ما ذاك إلا أن قولهم بسند صحيح ورجاله ثقات فرقًا، وقد وقفت على كلام للحافظ ابن حجر في حديث (¬1) العينة لما صحح ابن القطان حديثها قلت (¬2): وعندي أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول، لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحًا إلى آخر ما قاله (¬3). وهذا عين ما ندعيه، ولم أقف عليه والله إلا بعد شهور من الاستشكال، وفي التنقيح (¬4) في بحث إمكان التصحيح ذكر الضرب الأول، ثم الثاني، وهو أن لا ينص على صحة الحديث أحد من المتقدمين، ولكن يبين لنا رجال إسناده وعرفناهم من كتب الجرح والتعديل الصحيحة بنقل الثقات سماعًا أو غيره من طرق النقل (¬5)، فهذا وقع فيه خلاف لابن الصلاح، فهذا فيه أن يكفي في التصحيح
¬_________
(¬1) أخرجه أبو داود رقم: (3462) والطبراني في "الكبير" (12/ 432 رقم: 13583) والبيهقي (5/ 316) وقد صححه الألباني في "الصحيحة" رقم: (11) بمجموع طرقه.
عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم".
رواه أبو داود من رواية نافع عنه، وفي إسناده مقال، ولأحمد (7/ 27 رقم: 4825 شاكر) نحوه من رواية عطاء، ورجاله ثقات، وصححه ابن القطان كما ذكره ابن حجر في "التلخيص" (3/ 19 رقم: 1181).
(¬2) أي ابن حجر في التلخيص (3/ 19 رقم: 1181)
(¬3) وتمامه: "لأن الأعمش مدلس، ولم يذكر سماعه من عطاء، وعطاء يحتمل أن يكون هو الخراساني فيكون من تدليس التسوية بإسقاط نافع بين عطاء وابن عمر فيرجع إلى الحديث الأول وهو المشهور - يعني أن الإسناد الذي صححه ابن القطان هو: الأعمش عن عطاء عن ابن عمر، والإسناد الأول الذي يعنيه الحافظ هو: عطاء الخراساني عن نافع ابن عمر.
والحديث له طرق كثيرة عقد لها البيهقي في السنن الكبرى (5/ 316) بابًا وبين عللها.
(¬4) (ص 48).
(¬5) انظر تفصيل ذلك في تدريب الراوي (2/ 5 - 40).

الصفحة 1627