كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

الحافظ (¬1) ابن حجر، فإنه يقتضي أنه التوثيق أخص من التعديل، فالمرجو من مولاي تحقيق هذا البحث، وكذلك هل ثم فرق بين قولهم: وسنده جيد، وبين قولهم: وسنده صحيح؟ وكذلك قولهم: وسنده قوي؟ وما المراد بالقوي والجيد؟ انتهى كلام السائل - كثر الله فوائده - وأقول: ما ذكره هاهنا من الكلام على اعتبار الاتصال والسلامة من الشذوذ والعلة قد عرف جوابه مما سلف، وما نقله عن ابن حجر (¬2) من أنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحًا فقد خالفه غيره ممن قدمنا ذكره. وما ذكره - كثر الله فوائده - من أنه لو صح التصحيح بمجرد كون الرجال ثقات لكان متوقفًا على كون من يصحح بذلك مخالفًا في الشروط المعتبرة في الصحيح.
ونقول: هو أيضًا مخالف كما أفاده ما قدمنا ذكره. ولنذكر هاهنا ما يدفع ما أشكل على السائل - عافاه الله - فإن محل إشكاله هو تصحيح من صحح بمجرد كون الإسناد صحيحًا، أو رجاله ثقات، فنقول: قال زين الدين العراقي في منظومته (¬3) الألفية:
والحكم للإسناد بالصحة أو ... بالحسن دون الحكم للمتن رأوا
واقبله إن أطلق من يعتمد ... ولم يعقبه بضعف ينتقد
قال في الشرح ما لفظه: أي ورأوا الحكم للإسناد بالصحة كقولهم: هذا حديث إسناده صحيح، دون قولهم: هذا حديث صحيح. وكذلك حكمهم على الإسناد بالحسن كقولهم: إسناد حسن دون قولهم حديث حسن لأن قد يصح الإسناد لثقة رجاله ولا يصح الحديث لشذوذ أو علة.
قال ابن (¬4) الصلاح: غير أن المصنف المعتمد منهم إذا اقتصر على قوله: [14] إنه صحيح الإسناد، ولم يذكر له علة، ولم يقدح فيه، فالظاهر منه الحكم له بأنه صحيح في
¬_________
(¬1) لم أعثر على هذا اللفظ. وانظر "النكت" (1/ 274).
(¬2) في النكت (1/ 274).
(¬3) (ص 46).
(¬4) في التقييد والإيضاح (ص 58).

الصفحة 1629