كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

نفسه، لأن عدم العلة والقادح هو الأصل والظاهر. قلت: وكذلك إن اقتصر على قوله: حسن الإسناد ولم يعقبه بضعف فهو أيضًا محكوم له بالحسن. انتهى كلام زين الدين العراقي في شرحه لألفيته، حاكيًا عن ابن الصلاح، ومقررًا له. فهذان إمامان معتبران وتابعهما على ذلك السيد محمد بن إبراهيم في التنقيح (¬1) فقال بعد أن نقل كلامهما المذكور هاهنا: قلت: هذا الكلام متجه؛ لأن الحفاظ قد يذكرون ذلك لعدم العلم ببراءة الحديث من العلة لا لعلمهم بوجود العلة، ولهذا يصرحون بهذا كثيرًا فيقول أحدهم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعلم له علة، على أن الأصوليين والفقهاء أو كثيرًا منهم يقبلون الحديث المعلول كما سيأتي - إن شاء الله [تعالى]- انتهى. فهؤلاء ثلاثة من أئمة الحديث، ومعهم الأصوليون والفقهاء قد صرحوا بما هو موافق لما حررته وقررته سابقًا من تحكيم الأصل، والظاهر في أني لم أقف عليه إلا بعد أن فرغت من تحرير ما سلف. وقد ذكر زين الدين العراقي في شرح منظومته (¬2) الألفية في بحث حد الصحيح بعد أن نقل كلام الخطابي في حد الصحيح أنه ما اتصل سنده وعدلت نقلته. إن الخطابي (¬3) لم يشترط في الحد ضبط الراوي، ولا سلامة الحديث من الشذوذ والعلة، ولا شك أن ضبط الراوي لا بد من اشتراطه، لأن من كثر الخطأ في حديثه وفحش استحق الترك، وإن كان عدلًا. وأما السلامة من الشذوذ والعلة فقال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في الاقتراح (¬4) إن أصحاب الحديث زادوا ذلك في حد الصحيح.
قال: وفي هذين الشرطين نظر على مقتضى نظر الفقهاء؛ فإن كثيرًا من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء. انتهى ما نقله زين الدين العراقي في شرح ألفيته ولا يخفاك أن اعتراضه على الخطابي بأنه لم يشترط الضبط غير صحيح لما عرفت سابقًا، وقد خالفه هو
¬_________
(¬1) (ص 26).
(¬2) (ص 7).
(¬3) في معالم السنن (1/ 11).
(¬4) (ص 186).

الصفحة 1630