كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

في شرحه المذكور، وفي نظمه في الألفية المذكورة كما نقلناه قريبًا عنه، وانظر كيف استدرك بالشذوذ ثم لم يصرح بأنه لا بد من اعتبار ذلك، والعلة بل قال: وأما السلامة من الشذوذ والعلة فقال الشيخ تقي الدين (¬1) إلخ. وقد قدمنا نقل كلام الشيخ تقي الدين، واعترضناه بما سلف، فارجع إليه.
وأيضًا قد نقل السائل - عافاه الله - عن الحافظ ابن حجر (¬2) ما اعترض به على من اعترض كلام الخطابي، والمعترض هو زين الدين في كلامه هذا الذي نقلناه هاهنا. [15].
واعلم أن الثقة عند كثير من الحفاظ هو وصف لا يصدق إلا على أكابر الحفاظ المشهورين، ولا يصدق على كل رجال الصحيح، كما يفيد ذلك ما ذكره زين الدين العراقي في منظومته (¬3) وشرحها فقال في المنظومة:
وإن معين قال من أقول لا ... بأس به فثقة ونقلا
إن ابن مهدي أجاب من سأل ... أثقة كان أبو خلدة بل
كان صدوقًا خيرًا مأمونًا ... الثقة الثوري لو تعونا
قال في الشرح إن كلام ابن معين يقتضي التسوية بينهما، يعني ثقة ولا بأس به، لأن ابن أبي خيثمة قال: قلت ليحيى بن معين إنك تقول: فلان ليس به بأس، وفلان ضعيف، قال: إذا قلت لك: ليس به بأس فهو ثقة، وإذا قلت لك: هو ضعيف فليس هو بثقة، لا تكتب حديثه.
قال ابن الصلاح: ليس في هذا حكاية ذلك عن غيره من أهل الحديث فإنه نسبه إلى نفسه خاصة بخلاف ما ذكره ابن أبي حاتم. قلت: ولم يقل ابن معين: إن قول ليس به بأس كقول ثقة حتى يلزم منه التساوي بين اللفظين، إنما قال: إن من قال فيه هذا فهو ثقة، وللثقة مراتب، فالتعبير عنه بقولهم ثقة أرفع من التعبير عنه بأنه لا بأس به وإن اشتركا في مطلق الثقة، والله أعلم.
ثم قال: إن عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا أبو
¬_________
(¬1) (ص 186).
(¬2) النكت (1/ 274).
(¬3) (173 - 174).

الصفحة 1631