كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

فالحاصل أن العدل والثقة في اللغة يطلقان على الكافر كما يطلقان على المسلم إذا كانا متصفين [20] بذلك المعنى اللغوي.
وأما في الشرع فلا يصدقان إلا على ثقات المسلمين وعدولهم. فلا أدري ما وجه ما حكم به الأمير - رحمه الله - من أن العدل أخص من الثقة، وأن الثقة قد لا يكون عدلًا. ثم قال السائل - كثر الله فوائده -: هل ثم فرق بين قولهم: سنده جيد، وبين قولهم: سنده صحيح، وسنده قوي؟
أقول: قد صرحوا بما يفيد جواب هذا السؤال، فإنهم قالوا: إن قولهم جيد الحديث، أو حسن الحديث هو من المرتبة الرابعة من مراتب التعديل (¬1)، كما ذكر ذلك زين الدين العراقي (¬2)، فيكون على هذا جيد الحديث بمنزلة قولهم: حسن الحديث، وكذلك قولهم: إسناد جيد بمنزلة إسناد حسن، ولهذا قرن زين الدين العراقي بين جيد الحديث، وحسن الحديث، وجعلهما جميعًا من الألفاظ المستعملة في أهل المرتبة الرابعة.
ولعل قوي الحديث هو كجيد الحديث، لأن اللفظين جميعًا يستعملان في رجال الحسن، فهكذا يكون وصف الإسناد بالجودة كوصفه بالقوة، فظهر بهذا أن قولهم: جيد
¬_________
(¬1) مراتب التعديل:
المرتبة الأولى: وهي أعلاها شرفًا. مرتبة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
المرتبة الثانية: وهي أعلى المراتب في دلالة العلماء على التزكية، وهي ما جاء التعديل فيها بما يدل على المبالغة، أو عبر بأفعل التفضيل، كقولهم أوثق الناس وأثبت الناس، وأضبط الناس. وإليه المنتهى.
المرتبة الثالثة: إذا كرر لفظ التوثيق، إما مع تباين اللفظين كقولهم: ثبت حجة، أو ثبت حافظ، أو ثقة ثبت ... أو إعادة اللفظ الأول كقولهم، ثقة ثقة، ونحوها، وأكثر ما وجدوا قول ابن عيينة حدثنا عمرو بن دينار، وكان ثقة ثقة ثقة
إلى أن قاله سبع مرات.
المرتبة الرابعة: ما انفرد فيه بصيغة دالة على التوثيق: كثقة، أو ثبت أو ثبت أو متقن.
المرتبة السادسة: ما أشعر بالقرب من التجريح، وهي أدنى المراتب كقولهم ليس ببعيد من الصواب. أو شيخ أو يروى حديثه، أو يعتبر به، أو شيخ وسط، أو صالح الحديث.
انظر: مقدمة لسان الميزان (ص 215 - 216).
(¬2) في ألفيته (ص 171 - 172).

الصفحة 1636