كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الأمين، وآله الميامين.
وقفت على ما حرر المولى العلامة الإمام المجمع على جلالته بين علماء الإسلام - حفظ الله معاليه، وأحمد مساعيه، وأسعد لياليه وأيامه، وأمضى في البسيطة أحكامه - فسرحت النظر في رياضه، وكرعت من معين حياضه، وبقيت في النفس أشياء أوردتها على سبيل الاستفسار، وتطفلت بها على هذه الحضرة السامية المقدار، سائلًا العفو عن الزلل، والصفح عن الخطأ والوجل الخطل، مع أني - والله - أوردت ما رددت الكلام فيه على شدة وجل من تكثير الكلام، وتكدير الخاطر الشريف، بما شملته هذه الأرقام، ولكني راجعت نفسي بأنها إن بقيت على ما جهلته، ولم يتبين الصواب؛ بقيت على جهل عظيم، لا يرتضيه أولو الألباب، فتجاسرت بإرجاع المذاكرة واتكلت على سعة الخاطر الكريم، ومحبته لإيضاح الحق بأي طرق التعليم، وتمثلت ما قيل:
في انقباض وحشمة فإذا ... صادفت أهل الحياء والكرم
أرسلت نفسي على سجيتها ... وقلت ما قلت غير محتشم
فأقول: حاصل ما استشكله السائل أولًا:
التصحيح للحديث لمجرد وجدان ثقة رجال إسناده في كتاب من كتب الجرح والتعديل، أو النص من إمام على ثقتهم، مع أنهم اعتبروا في رسم الصحيح أمورا خمسة تضمنها قول النخبة (¬1) وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط، متصل السند، غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته. وكان يتصور لي في جواب هذا الإشكال أمران، الاتصال فالأصل عدم الشذوذ والعلة لندورهما، فيصح مع ذلك التصحيح لوجدان كون الرواة ثقات أو [1] النص من إمام على ثقتهم، لأن
¬_________
(¬1) انظر ألفية الحديث للحافظ العراقي (ص 7 - 8)، والاقتراح (ص 186)، التقييد والإيضاح (ص 20).

الصفحة 1647