كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

فقد اتفقا على حصول أصل الضبط في الحسن، فالصحيح لا بد أن يكون المعتبر فيه من الضبط رتبة فوق أصله، فعبر عنها ابن حجر بتمام الضبط.
وقال في الحسن. فإن خف - الضبط أي قل فقد قابل بين تمام الضبط وقلته، فالمراد بالتام كثير الضبط، وكثير الضبط تتفاوت رتبه، ولهذا عقبه بقوله: وتتفاوت رتبه (¬1). وأما الزين (¬2) فإنه اعتبر في الصحيح الضبط، واعتبر في الحسن ما رجحه ابن الصلاح (¬3) من أنه قسمان:
الأول: الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلًا كثير الخطأ إلخ.
الثاني: أن يكون من المشهورين بالصدق والأمانة غير أنه لا يبلغ درجة رواة الصحيح.
ولا يخفى أن القسمين المذكورين قد اعتبر فيهما من الضبط حصول أصله. فالمعتبر في الصحيح إذن رتبة فوق أصله، فغاية ما صنعه ابن حجر بيان المراد، وتهذيب الحد.
وعلى هذا لا مخالفة بين زين الدين وابن حجر من هذا الوجه، وهو الأول.
الوجه الثاني: وحق المخالفة التي أبداها - حفظه الله - قوله: وكذلك اعتبر زين الدين في نظمه السابق أن تكون العلة قادحة، ولم يعتبره ابن حجر، إن كان قد ذكره في الشرح فقال: والمعلل لغة ما فيه علة، واصطلاحًا ما فيه علة خفية [7] قادحة انتهى.
ولا يخفى أن إهماله لقيد قادحة في الحد يوجب الخلل فيه إلى قوله: لا بيان المعاني اللغوية. أقول: حد ابن (¬4) حجر، هو قوله: وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط، متصل السند، غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته، ولم يذكر فيه لفظ علة حتى يحتاج إلى وصفها بالقادحة، بل ذكر المعلل. والمعلل عندهم ما حرره في شرحه كما نقله - حفظه الله -،
¬_________
(¬1) في هامش المخطوط ما نصه: "ولو كان المراد بتام الضبط أعلى رتبة منه لما صح قوله. وتتفاوت رتبه كما لا يخفى."
(¬2) في ألفيته (ص 34 - 35).
(¬3) في التقييد والإيضاح (43 - 44).
(¬4) في النخبة (ص 55 - 56).

الصفحة 1655