كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

الرواة، واتصال السند من غير اعتبار السلامة من الشذوذ والعلة، وهكذا تصحيح من صحح من الأئمة لوجود شرطهما أو أحدهما لا مستند له إلا ثقة الرجال، واتصال السند فقط. قال حفظه الله: وهذا عين ما قاله الخطابي (¬1). أقول على هذا الكلام مؤاخذات.
الأول: أنه مخالف لجميع الكتب المصنفة في الاصطلاح، فإنهم حدوا الصحيح بأنه ما جمع القيود الخمسة ثم قالوا: وهو مراتب: أعلاها ما في الصحيحين، ثم كذا، ثم كذا، وهذا تصريح منهم أن الصحيحين جمعت أحاديثها هذه القيود الخمسة.
الثاني: أن المعترضين اعترضوا على البخاري ومسلم بأحاديث ذكروها معلة وشاذة.
فلو كان السلامة من الشذوذ والعلة ليس من شرطهما، لكان دفع تلك الأحاديث بأسهل دفع، وهو أن يقال: هذه الأحاديث لا ترد. لأن السلامة من المعل ليس من شرطهما.
الثالث: أنه قال الحافظ ابن (¬2) حجر في بيان تفضيل صحيح البخاري على صحيح مسلم: وأما من حيث التفضيل فقد قررنا أن مدار الحديث الصحيح على الاتصال، وإتقان الرواة، وعدم العلل.
وعند التأمل يظهر أن كتاب البخاري أتقن رجالًا، وأشد اتصالًا، ثم ما يتعلق بالاتصال والإتقان. وقال: وأما [ما] يتعلق بعدم العلة وهو الوجه السادس. فإن الأحاديث التي انتقدت عليهما إلخ. وقال [10] في الفصل الثامن (¬3) في سياق الأحاديث المنتقدة في الجواب على سبيل الإجمال بعد نقل ما قاله مسلم: عرضت كتابي على أبي زرعة، فكلما أشار أن له علة تركته، فإذا عرف ذلك وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو فيه علة (¬4)، إلا أنها غير مؤثرةٍ
¬_________
(¬1) معالم السنن (1/ 11).
(¬2) النكت (1/ 286).
(¬3) في هدى الساري مقدمة فتح الباري (ص 347).
(¬4) منهج النقد في علوم الحديث (ص 12).

الصفحة 1658