كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

القادحة، فما كان على شرطهما لا بد فيه من السلامة من ذينك الأمرين. قوله حفظه الله: وبهذا يتقرر أن نوع المعلل الذي منشؤه الوهم لا يرتفع عن الحديث الذي قد صححه إمام من الأئمة.
أقول: لا ريب أن فتح هذا الباب يغلق باب التصحيح بالمرة. ولكن ليس المعتبر في ذلك إلا البحث من ذلك الحافظ، فإذا حكم بصحة فقد تضمن إخباره عن نفسه بأنه ليس الحديث شاذًا ولا معلًا. فيكون الحديث صحيحًا، فإن وجدت له علة فذاك أمر آخر. والتصحيح والتحسين إنما هو باعتبار الظاهر. فقوله حفظه الله تعالى: فلا بد من المصير إلى أمرين إلخ ما أفاده - كثر الله فوائده - مشعر أن السلامة من العلة والشذوذ معتبرة. ولا كلام لنا فيما صححه إمام من الأئمة، إنما كلامنا في تصحيح الحديث لمجرد ثقة ناقليه، أما معنى يجب مع تمكنه وقوة معرفته فلا كلام في صحة التصحيح. منه قوله - نفع الله بعلومه - ولنذكر هاهنا ما يدفع إشكال السائل، فإن محل استشكاله هو تصحيح من صحح لمجرد كون الإسناد صحيحًا، أو رجاله ثقات، فتقول ما قاله الزين (¬1) - رحمه الله - إلخ. أقول هذا الكلام مما يشعر أيضًا باعتبار السلامة من الشذوذ والعلة عند المحدثين، لكن هل يجري كلامهم فيما لو وقف في هذه الأزمان على ثقة رجال إسناد في كتب الجرح والتعديل، فإن كلامهم إنما هو فيما أطلقه حافظ معتمد، ثم لا يخفى أن في هذا الكلام شيء، وهو أن قولهم إن صحيح الإسناد دون صحيح المتن يشعر بعدم الصحة، وإن كان بمعنى يقاربها، فظاهر لفظه دون يقضي بانتفاء الصحة، وقول ابن الصلاح الظاهر فيما أطلق المصنف المعتمد أنه صحيح الإسناد صحته في نفسه؛ لأن الظاهر عدم الشذوذ والعلة مشعر بتساوي الأمرين، فإن جعل أن المراد قبول الحديث من غير نظر إلى صحته كما يفيده لفظ وأقبله إن كان يعود إلى الحديث. فصريح عبارة ابن الصلاح أنه صحيح في نفسه عملًا بالظاهر، فهل يصح
¬_________
(¬1) في ألفيته (ص 8).

الصفحة 1660