كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

أن يقال: فيه أن التصحيح كله باعتبار الظاهر، ولكن الظهور مراتب، فما صرح بين الصحة مطلقًا فهو أظهر مما صرح فيه بصحة إسناده، وهل قول الحافظ ابن حجر في هذا المقام الذي لا أشك فيه [12] إن الإمام منهم لا يعدل عن قوله: صحيح إلى قوله: صحيح الإسناد إلا لأمر ما. انتهى. توقف في صحة ما هذا شأنه أم لا؟ ثم هل قولهم: صحيح الإسناد، ورجاله ثقات سواء؟ فإن الحسن لا بد أن يكون راويه عدلًا ضابطًا، وإطلاق الثقات محتمل أن يكونوا بلغوا من الضبط إلى ما يعتبر في الصحيح، فيكون الحديث صحيحًا أو لا فيكون حسنًا. قوله حفظه الله: ولا يخفاك أن اعتراضه أي الزين على الخطابي (¬1) بأنه لم يشترط الضبط غير صحيح، هذا ولم أفهم مراده وقوله: وانظر كيف استدرك عليه بالشذوذ والعلة، ولم يصرح بأنه لا بد من اعتبار ذلك! هلا قيل ذكرهما في الألفية (¬2) تصريح باعتبارهما. وقد وقف العبد حال بحثه في هذه المذاكرة على كلام للحافظ ابن (¬3) حجر - رحمه الله - في اعتبار السلامة من الشذوذ في حد الصحيح. فرأيت نقله هنا، وإن كان غير لائق بي، لكن رأيته موافقًا لما يلمح إليه نظر المجيب نفع الله بعلومه: قال (¬4) - رحمه الله - بعد تفسيره الشاذ بأن مخالفة الثقة لأرجح منه وهو مشكل، لأن الإسناد إذا كان متصلًا، ورواته كلهم عدولًا ضابطين فقد انتفت عنه العلل الظاهرة. ثم إذا انتفى كونه معلولًا فما المانع من الحكم بصحته لمجرد مخالفة أحد رواته لمن هو أوثق منه، أو أكثر عددًا لا يستلزم الضعف بل يكون من باب صحيح وأصح؟ قال: ولم أر مع ذلك عن أحد من أئمة الحديث اشتراط نفي الشذوذ المعبر عنه بالمخالفة، وإنما الموجود في تصرفاتهم تقديم بعض ذلك على بعض في الصحة،
¬_________
(¬1) تقدم انظر معالم السنن (1/ 11).
(¬2) في ألفيته (ص 7).
(¬3) تقدم.
(¬4) في النكت (2/ 653).

الصفحة 1661