كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

وأمثلة ذلك موجودة في الصحيحين وغيرها. فمن ذلك أنهما أخرجا قصة جمل (¬1) جابر من طرق، وفيها اختلاف كثير في مقدار الثمن، وفي اشتراط ركوبه. وقد رجح (¬2) البخاري الطرق التي فيها الاشتراط على غيرها مع تخريجه للأمرين، ورجح أيضًا كون الثمن أوقية مع تخريجه ما يخالف ذلك. ومن ذلك أن مسلمًا (¬3) أخرج فيه حديث مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة في الاضطجاع قبل ركعتي الفجر، وقد خالفه عامة أصحاب الزهري كمعمر، ويونس (¬4)، وعمرو بن الحارث (¬5)، والأوزاعي، وابن أبي ذئب، وسعيد وغيرهم عن الزهري، فذكروا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، ورجح جمع منهم من الحفاظ روايتهم على رواية مالك ومع ذلك فلم يتأخر أصحاب [13] الصحيح عن إخراج حديث مالك في كتبهم. وأمثلة ذلك كثيرة، ثم قال: فإن قيل: يلزم أن يسمى الحديث صحيحًا ولا يعمل به، قلنا: لا مانع من ذلك فليس كل صحيح
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم: (2115)، (2610) (2611) ومسلم رقم: (109/ 715) وأبو داود رقم: (3505) والنسائي رقم: (4637) وأحمد (3/ 299).
(¬2) انظر فتح الباري (4/ 335 - 336).
(¬3) أخرجه مسلم في صحيحه رقم: (121/ 736) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة. يوتر منها بواحدة. فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن. حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين.
(¬4) أخرجه مسلم في صحيحه رقم: (000/ 736) وحدثنيه حرملة أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابن يونس عن ابن شهاب. بهذا الإسناد.
(¬5) أخرجه مسلم في صحيحه رقم: (122/ 736): وحدثني حرملة بن يحيى. حدثنا ابن وهب. أخبرني عمرو بن الحارث عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير. عن عائشة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء "وهي التي يدعو الناس العتمة" إلى الفجر، إحدى عشرة ركعة. يسلم بين كل ركعتين. ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن قام فركع ركعتين خفيفتين. ثم اضطجع على شقه الأيمن. حتى يأتيه المؤذن للإقامة.

الصفحة 1662