كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

هلال رمضان (¬1) فمولانا صارم الإسلام جزم بعدم قبوله واعتذر عن حديث قبوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للأعرابي قبل اختباره والعلم بعدالته بإبراز الفرق بين مجهول الصحابة وغيرهم.
وسيدي شرف الدين جنح إلى القبول ميلًا منه إلى ما ذكره العلامة الإمام محمد بن إبراهيم الوزير في عواصمه (¬2) وتنقيحه (¬3) وسيأتي الكلام عليه، والذي لاح للخاطر الفاتر والنظر القاصر عدم قبول المجهول مطلقًا إلا أن يكون صحابيًا كما جزم به مولانا الصارم حفظه الله.
ولما كانت هذه المسألة أعني قبول المجهول بأقسامه، وعدم قبوله مطلقًا أو مقيدا ببعض الأقسام، والفرق بين مجهول الصحابة وغيرهم وعدمه من أهم المسائل التي يقبح جهل ما هو الحق فيها من القاصر والكامل لانبناء قناطر من قواعد الدين عليها واحتياج كل ناظر وباحث في غالب الحالات إليها، ولذلك وصى العلامة ابن الإمام في شرح الغاية بالمبالغة في البحث وإمعان النظر في قبول مجهول الصحابة وعدمه مع أن ذلك ليس من عاداته في ذلك الكتاب، فقال: وهذه المسألة تنبني عليها أكثر الأحكام الشرعية فلا ينبغي [1 أ] لمجتهد أن يقتصر على أول نظر بل يبالغ في [1] البحث والطلب حتى يدرك ما هو الحق من هذه الأقوال فإنه من سلم من داء التقليد والعصبية إذا حقق نظره في هذه المسألة علم حقها من باطلها علمًا يقينيا. انتهى.
وأنت تعلم أن الكلام هنا فيما هو أعم من مجهول الصحابة فالحاجة إلى تحقيق ما هو الحق فيه أشد وأشد، لا سيما وقد اشتهر على ألسن العامة وبعض الخاصة في هذه الأعصار أن من ظاهره الإسلام فظاهره الإيمان حتى سرى داء هذه الكلمة إلى كثير من
¬_________
(¬1) سيأتي تخريجه.
(¬2) (1/ 371).
(¬3) (ص 197 - 202).

الصفحة 1678