كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

في (¬1) الرواية معتبرة في الشهادة بل الأمر في الشهادة أشد وسنتكلم بعد ذلك في خصوص مسألة السؤال فنقول: قال ابن الحاجب في مختصر (¬2) المنتهى ما لفظه: مسألة: مجهول (¬3) الحال لا يقبل (¬4) وعند أبي حنيفة (¬5) قبوله، وقال المحقق ابن الإمام في الغاية وشرحها ما لفظه
¬_________
(¬1) الرواية في اصطلاح العلماء (إخبار) يحترز به عن الإنشاء (عن) أمر عام من قول أو فعل لا يختص واحد منهما بشخص معين من الأمة، ومن صفة هذا الإخبار أنه لا ترافع فيه ممكن عند الحكام.
الشهادة: فإنها إخبار بلفظ خاص عن خاص علمه مختص بمعين يمكن الترافع فيه عند الحكام.
ومن شروط الراوي عند الأداء:
1 - العقل: إجماعًا إذ لا وازع لغير عاقل يمنعه من الكذب ولا عبادة أيضًا كالطفل.
وقال الشافعي في الرسالة: ص 372 - 375: أقبل في الحديث الواحد والمرأة ولا أقبل واحدًا منهما وحده في الشهادة.
وأقبل في الحديث: "حدثني فلان عن فلان" إذا لم يكن مدلسًا، ولا أقبل في الشهادة إلا "سمعت" أو "رأيت" أو "أشهدني" ... ثم يكون بشر كلهم تجوز شهادته، ولا أقبل حديثه، من قبل ما يدخل في الحديث من كثرة الإحالة وإزالة بعض ألفاظ المعاني، وتختلف الأحاديث، فآخذ ببعضها، استدلالًا بكتاب أو سنة أو إجماع أو قياس، وهذا لا يؤخذ به في الشهادات هكذا، ولا يؤخذ فيها بحال.
وانظر الكوكب المنير (2/ 378).
2 - الإسلام: إجماعًا؛ لتهمة عداوة الكافر للرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولشرعه.
3 - البلوغ: عند الأئمة الأربعة وغيرهم. وروي عن أحمد أن رواية المميز تقبل.
4 - الضبط: لئلا يغير اللفظ والمعنى فلا يوثق به.
5 - العدالة: إجماعًا لما سبق من الأدلة (ظاهرًا وباطنًا).
(¬2) (2/ 64).
(¬3) انظر توضيح الأفكار للأمير الصنعاني (1/ 173 - 185).
(¬4) قال الشافعي في الرسالة (ص 374) رواية المجهول غير مقبولة بل لا بد فيه من خبرة ظاهرة، والبحث عن سيرته وسريرته.
وانظر الكفاية (ص 149)، تدريب الراوي (1/ 316).
(¬5) وظاهر مما أورده البزدوي والبخاري أن الإمام أبا حنيفة يقبل رواية المجهول - من الصحابة - لأن الأصل فيهم العدالة. كشف الأسرار (2/ 704).
وقال البزدوي في كشف الأسرار (2/ 708، 720): ولذلك جوز أبو حنيفة - رحمه الله - القضاء بظاهر العدالة من غير تعديل، حين إن رواية مثل هذا المجهول في زماننا لا يحل العمل به لظهور الفسق.
ثم قال: " ... ولهذا - أي ولاشتراط العدالة: لم يجعل خبر الفاسق والمستور حجة لفوات أصل العدالة في حق الفاسق، وفوات كمالها في حق المستور".
ثم قال: "إلا أن خبر المجهول في القرون الثلاثة مقبول لغلبة العدالة فيهم، وخبر المجهول بعد القرون الثلاثة مردود لغلبة الفسق".
وانظر: مسلم الثبوت وشرحه فواتح الرحموت (2/ 146 - 147).

الصفحة 1680