كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

أهل السنة والمعتزلة والزيدية. وقال ابن عبد البر في التمهيد (¬1) إنه مما لا خلاف فيه انتهى.
وأما الدليل على ذلك فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد تولى تعديل الصحابة بنفسه، وكذلك رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقل، الأحوال أن يجعل [حكم] (¬2) ذلك التعديل حكم تعديل العبيد بعضهم بعضًا، فإذا لم تثبت لهم هذه المزية أعني قبول مجهولهم، ولا يقبل من عرفناه عينًا وحالًا، فأي طائل وأي ثمرة لقوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} (¬3) وقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا} (¬4)، قال العضد (¬5) أي عدولًا، قال ابن أبي شريف وأكثر المفسرين على أن الصحابة المرادون من هاتين الآيتين، ومن ذلك قوله تعالى: {والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} (¬6) الآية.
ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خير أمتي قرني»، أخرجه الشيخان (¬7) وحديث: «لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه» أخرجه الشيخان (¬8). وحديث: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» (¬9) على مقال فيه. وحديث: «أوصيكم [بأصحابي] (¬10) ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب».
¬_________
(¬1) (22/ 47) لابن عبد البر.
(¬2) زيادة من (ب).
(¬3) [آل عمران: 110].
(¬4) [البقرة: 143].
(¬5) في "مختصر المنتهى" (2/ 67).
(¬6) [الفتح: 29].
(¬7) البخاري في صحيحه رقم (2652) ومسلم رقم (2533) من حديث عبد الله ابن مسعود.
(¬8) أخرجه البخاري في صحيحه (3673) ومسلم في صحيحه (221/ 2540) من حديث أبي سعيد الخدري.
(¬9) تقدم تخريجه مطولًا -وهو حديث موضوع- انظره في المجلد الأول من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني -العقيدة-.
(¬10) في (ب) أصحابي.

الصفحة 1702