كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

وأيضًا: يدل أعظم دلالة ذكر حرف الشرط في قوله: "فإن عملها" فإن هذه الصيغة تفيد أنه لا مؤاخذة بالسيئة (¬1) حتى يعملها، وبهذا يرد على من جعل القصد، والعزم (¬2)، وعقد القلب أمورًا زائدة على مجرد الهم [2أ].
وأما ما روي (¬3) عن بعض أهل العلم من الفرق بين ما استقر من أفعال القلوب، وما لم يستقر، وأنه يؤاخذ بما استقر منها، لا بما لم يستقر، وأن حديث: «إن الله تجاوز
¬_________
(¬1) انظر التعليقة السابقة.
(¬2) اختلف أهل العلم في أحوال القلب مما يرد عليه من الوساوس قبل عمل الجوارح، وأكثرهم على أن ذلك على ثلاث مراحل:
أولها: الخاطر والهاجس وحديث النفس الذي لا يستقر وسرعان ما يزول، فهذا لا يؤاخذ عليه العبد، وقد سماه بعضهم همًا كما فعل الباقلاني ومن وافقه.
الثانية: هي قصد الفعل مع التردد، وهو الهم، والأكثرون على عدم المؤاخذة بهذا القسم أيضًا.
الثالث: هي قوة ذلك القصد والتصميم على الفعل ورفع التردد، وهذا هو العزم والتحقيق أن صاحبه يؤاخذ عليه وهو مذهب الأكثرين.
انظر: "تأويل مختلف الحديث" (ص 149)، "فتح الباري" (11/ 323 - 329)، "إكمال إكمال المعلم" (1/ 236).
(¬3) انظر: "فتح الباري" (11/ 327).

الصفحة 1751