كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

واعلم أن من تأمل فيما وقع لأهل العلم في هذه العبادة الفاضلة التي افترضها الله عليهم في الأسبوع، وجعلها شعارا من شعائر الإسلام -وهي صلاة الجمعة- من الأقوال الساقطة، والمذاهب الزائفة، والاجتهادات الداحضة قضى من ذلك العجب!.
فقائل يقول: الخطبة كركعتين، وأن من فاتته لم تصح جمعته! وكأنه لم يبلغه ما ورد عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من طرق متعددة يقوي بعضها بعضا، ويشد بعضها من عضد بعض "أن من فاتته ركعة من ركعتي الجمعة، فليضف إليها أخرى، وقد تمت صلاته" (¬1).
¬_________
(¬1) أخرجه النسائي (3/ 112 رقم 1425) بإسناد صحيح من طريق قتيبة عن أبي هريرة عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال: "من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك".
وأخرجه الحاكم (1/ 291) من طريق الوليد بن مسلم، عنه بلفظ النسائي إلا أنه زاد في آخره "الصلاة".
وأخرجه الحاكم (1/ 291) والبيهقي (3/ 203) والدارقطني (2/ 11 رقم 4) بإسناد حسن من طريق أسامة بن زيد الليثي، عنه بلفظ: "من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى".
ثم أخرجه الحاكم (1/ 291) والبيهقي (3/ 203) والدارقطني (2/ 11 رقم 6) من طريق صالح ابن أبي الأخضر، عنه بلفظ: "من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى، فإن أدركهم جلوسا صلى أربعا" ولم يذكر الحاكم الجملة الأخيرة.
وأخرجه ابن ماجه (1/ 356 رقم 1121) من طريق عمر بن حبيب، عنه: بلفظ أسامة بن زيد الليثي.
ولحديث أبي هريرة شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا. بلفظ: "من أدرك ركعة يوم الجمعة فقد أدركها وليضف إليها أخرى".
وأخرجه الدارقطني (2/ 13 رقم 14) من طريق عيسى بن إبراهيم عنه.
وأخرجه الطبراني في "الصغير" (1/ 339 رقم 562) من طريق إبراهيم بن سليمان الدباس. عنه.
وأخرجه النسائي (1/ 274 رقم 557) وابن ماجه رقم (1123) والدارقطني (2/ 12 رقم 12) من طريق سالم. عنه.
والخلاصة أن الحديث بذكر الجمعة صحيح من حديث ابن عمر، لا من حديث أبي هريرة. وانظر الكلام بتوسع على هذا الحديث في كتاب "إرواء الغليل" (3/ 84 - 90 رقم 622). للمحدث الألباني.

الصفحة 1777