كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 4)

رواية (¬1) أنه قالها للمرأة الجهنية، وفي رواية (¬2) أنه قال لماعز: "والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها" على أنه يعارض ما وقع في هذا الحديث على فرض أنه وقع من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - التصريح بترك الرجم في سنن الترمذي (¬3) وصححه من حديث [11] علقمة بن وائل عن أبيه بلفظ: وقال للرجل الذي وقع عليها ارجموه، وقال: "لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم". فهذا صريح أنه أمر برجمه.
وعزا في جامع الأصول (¬4) هذه الرواية إلى أبي داود (¬5)، والترمذي (¬6)، ثم قال: وفي رواية للترمذي (¬7) قال: استكرهت امرأة على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فدرأ عنها الحد، وأقامه على الذي أصابها .. انتهى.
وفي سنن أبي داود (¬8) أنهم قالوا للرجل الذي وقع عليها: "ارجمه"، وقال: "لقد تاب توبة" إلخ. وليس فيه أنه امتنع من رجمه، وذلك لا ينافي الأمر بالرجم كما عرفت، ومما يؤيد ما رواه الترمذي من الأمر بالرجم ما وقع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من التشديد في أمر الحد، والزجر عن إسقاطه، والشفاعة فيه، حتى قال لأسامة لما شفع في
¬_________
(¬1) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (23/ 1695).
(¬2) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (4428) من حديث أبي هريرة. وهو حديث ضعيف. انظر "الإرواء" رقم (2354).
(¬3) (4/ 56 رقم 1454). وقال الألباني في "صحيح الترمذي" (2/ 75 رقم 1175) حسن دون قوله: "ارجموه" والأرجح أنه لم يرجم.
(¬4) (3/ 504 - 505 رقم 1832).
(¬5) في "السنن" رقم (4379) وقد تقدم وهو حديث حسن دون قوله: "ارجموه".
(¬6) (4/ 56 رقم 1454). وقال الألباني في "صحيح الترمذي" (2/ 75 رقم 1175) حسن دون قوله: "ارجموه" والأرجح أنه لم يرجم.
(¬7) في "السنن" رقم (4/ 55 رقم 1453) وقال: هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل. وهو من حديث عبد الجبار بن وائل عن أبيه. وهو حديث ضعيف.
(¬8) في "السنن" رقم (4379) وقد تقدم وهو حديث حسن دون قوله "ارجموه".

الصفحة 2037