كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 5)
وقد كان في زمنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من به جراحات (¬1) يكثر خروج الدم ونحوه منها، ولم يرد عنه النهي عن أن يؤموا بغيرهم. وقد كان في عصره من يتطهر بالتيمم، ولم يثبت عنه أنه نهاهم عن أن يصلوا بغيرهم [7ب]، بل ثبت أنه قال- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لعمران بن حصين: «عليك بالصعيد فإنه يكفيك»، وهو في الصحيحين (¬2) وغيرهم.
وثبت أنه قال لأبي ذر: «إن الصعيد طهور لمن لم يجد الماء عشر سنين»، وهو في مسند أحمد (¬3)، وسنن أبي داود (¬4) وغيرهما (¬5). بل ثبت أن عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل صلى بأصحابه بالتيمم وكان جنبًا، فذكروا ذلك للنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فقال: «يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟»، فقال: نعم، ذكرت قول الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا} (¬6) فتيممت وصليت، فضحك رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ولم يقل شيئًا، وهو حديث مشهور (¬7) معروف مروي في كتب الحديث، وكتب السير.
¬_________
(¬1) أخرج مالك (1/ 62) وعبد الرازق في مصنفه (1/ 578 - 581) وابن سعد في «الطبقات» (3/ 350) والدراقطني (1/ 224) والبيهقي (1/ 357) وأورده الهيثمي في «المجمع» (1/ 295) وقال: رواه الطبراني.
عن عمر رضي الله عنه أنه لما طعن كان يصلي وجرحه يثغب دمًا.
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (344) ومسلم رقم (682).
(¬3) في «المسند» (5/ 147، 155).
(¬4) في «السنن» رقم (332، 333).
(¬5) كالنسائي (1/ 171) وابن أبي شيبه في «المصنف» (1/ 156 - 157).
(¬6) [النساء: 29].
(¬7) أخرجه أحمد (4/ 203) والدارقطني (1/ 178 رقم 12) وابن حبان في صحيحه رقم (1311 - 1313). والحاكم في «المستدرك» (1/ 177) وصححه ووافقه الذهبي.
وأخرجه البخاري (1/ 454) معلقًا. وقال الحافظ: «هذا المعلق وصله أبو داود والحاكم وإسناده قوي ... ».
والخلاصة أن الحديث صحيح.