كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 5)
رسول الله- صلي الله عليه وآله وسلم- وكلمهم لم يكونوا ساهين، بل جهلوا أن الكلام في تلك الحالة لا يجوز، فعذرهم رسول الله- صلي الله عليه وآله وسلم-، ولم يأمر أحدًا منهم بإعادة الصلاة، وأدل من هذا، وأوضح، وأصرح ما أخرجه أحمد (¬1)، ومسلم (¬2)، والنسائي (¬3)، وأبو داود (¬4) من حديث ابن الحكم (¬5) السلمي قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله- صلي الله عليه وآله وسلم- إذ عطس رجل من القوم، فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت: وأثكل أماه، ما شأنكم تنظرون إلي؟. فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، إلى أن قال: فبابي وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعينًا منه، يعني النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فوالله ما قهرني، ولا ضربني، ولا شتمني قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن».
فهذا الحديث ليس فيه أن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ [5أ]- أمره بإعادة الصلاة لكونه قد تكلم فيها عامدًا، بل عذره لجهله. ومثل هذا ما أخرجه البخاري (¬6)، وأحمد (¬7)، وأبو داود (¬8)، والنسائي (¬9) عن أبي هريرة قال رسول الله- صلى الله
¬_________
(¬1) في «المسند» (5/ 447، 448).
(¬2) في صحيحة رقم (33/ 537).
(¬3) في «السنن» (3/ 14 - 18).
(¬4) في «السنن» رقم (931).
قلت: وأخرجه ابن الجارود رقم (212) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 446) وأبو عوانة (2/ 141 - 142) وابن خزيمة (2/ 35 رقم 859). وهو حديث صحيح.
(¬5) هو معاوية بن الحكم السلمي كان ينزل المدينة وعداده في أهل الحجاز.
(¬6) في صحيحة رقم (6010).
(¬7) في «المسند» (2/ 238، 239).
(¬8) في «السنن» رقم (882).
(¬9) في «السنن» (3/ 14). وهو حديث صحيح.