كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 6)

فرسخين، أو ثلاثة فراسخ يقصر الصلاة، فإن القاصد لمثل هذه المقادير لا تسميه العرب مسافرا. ولم نسمع عنهم أنهم أطلقوا عليه اسم المسافر (¬1)، ولو شد رحله، أو وضع عصاه على عاتقة. وقد طانوا يتزاورون، ويذهب بعضهم إلى محلة بعض، ولا يسمون الفاعل لذلك مسافرا.
وبالجملة فالإحالة لمحل النزاع على السفر اللغوي (¬2) إحالة على مجهول، أو إحالة على ما يدل على خلاف مطلوب قابله، فوجب الرجوع إلى ما ثبت في الشرع. وقد ثبت فيه أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كان يقصر إذا خرج في ثلاثة فراسخ. وثبت عنه أنه صلى الظهر بالمدينة أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين كما في حديث أنس عند أحمد (¬3)،. ............................
¬_________
(¬1) قال صاحب المصباح المنير (1/ 425): يقال ذلك إذا خرج للارتحال أو قصد موضع فوق مسافة العدوى، لأن العرب لا يسمون مسافة العدى سفرا.
ثم قال في مادة عدى - بالمهلة - والعدوى - بالفتح قال ابن فارس والجوهري - في الصحاح (6/ 2421) - هي طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك أي ينتقم منه باعتدائه عليك.
والفقهاء يقولون مسافة العدوى كأنهم استعارها من هذه لأن صاحبها يصل فيها الذهاب والعود بعدو واحد لما فيه من القوة والجلد.
وقال السياغي في " الروض النضير " (2/ 365): " ومراده بالعرف عرف أهل اللغة الذي قرره العرف الشرعي، ويفهم منه أن السفر لا يطلق إلا على التي لا يمكن صاحبها أن يجمع فيها بين الذهاب والعود بمشي واحد وهو ما تدرك به المشقة ويتكلف له المؤنة ولذا قال أهل اللغة: كأن مأخوذ من سفرت الشيء إذا كشفته فأوضحته لأنه ما ينوب فيه ويكشفه، ومن المعلوم أنهم لا يسمون من خرج من بيته وسار أدنى سير مسافرا، ثم نظرنا ما هو الأنسب من تقديرات الشارع - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرف أهل الشرع المتلقي عن أهل اللغة، فلم نجد حديثا سالما عن المطاعن إلا حديث أنس وعملنا بالأحوط منه وهو ثلاثة افواسخ وهو أشد مناسبة بذلك العرف منه بالثلاثة أميال " اه.
(¬2) قال صاحب المصباح المنير (1/ 425): يقال ذلك إذا خرج للارتحال أو قصد موضع فوق مسافة العدوى، لأن العرب لا يسمون مسافة العدى سفرا. ثم قال في مادة عدى - بالمهلة - والعدوى - بالفتح قال ابن فارس والجوهري - في الصحاح (6/ 2421) - هي طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك أي ينتقم منه باعتدائه عليك. والفقهاء يقولون مسافة العدوى كأنهم استعارها من هذه لأن صاحبها يصل فيها الذهاب والعود بعدو واحد لما فيه من القوة والجلد.
وقال السياغي في " الروض النضير " (2/ 365): " ومراده بالعرف عرف أهل اللغة الذي قرره العرف الشرعي، ويفهم منه أن السفر لا يطلق إلا على التي لا يمكن صاحبها أن يجمع فيها بين الذهاب والعود بمشي واحد وهو ما تدرك به المشقة ويتكلف له المؤنة ولذا قال أهل اللغة: كأن مأخوذ من سفرت الشيء إذا كشفته فأوضحته لأنه ما ينوب فيه ويكشفه، ومن المعلوم أنهم لا يسمون من خرج من بيته وسار أدنى سير مسافرا، ثم نظرنا ما هو الأنسب من تقديرات الشارع - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرف أهل الشرع المتلقي عن أهل اللغة، فلم نجد حديثا سالما عن المطاعن إلا حديث أنس وعملنا بالأحوط منه وهو ثلاثة افواسخ وهو أشد مناسبة بذلك العرف منه بالثلاثة أميال " اه.
(¬3) في " المسند " (3/ 177و 186).

الصفحة 3128