كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 6)

قادحة، لأنه يمكن أن تأخذ ذلك عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بعد زمان فرض الصلاة، وبمكن أن تأخذ عن صحابي آخر، ومراسيل الصحابة حجة.
ومن الجملة (¬1) ما قيل في الكلام على حديث عائشة هذا أنه معارض بحديث ابن عباس [2ب] عن مسلم (¬2): " فرضت الصلاة في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين "، ويجاب عن هذا بأن الجمع (¬3) ممكن بأن يقال: أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين، إلا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة إلا الصبح كما رواه ابن خزيمة (¬4)، وابن حبان (¬5)، والبيهقي (¬6) عن عائشة قالت: " فرضت صلاة الحضر ركعتين ركعتين، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة، وصلاة المغرب لأنها وتر النهار ".
ومما أجاب به القائلون بأن القصر رخصة عن حديث عائشة أن المراد بقولها: " فرضت " أي قدرت (¬7)، وهو تأويل متعسف لا ينبغي التعويل عليه، ويدفعه قولها في الحديث: " فأقرت في السفر، وزيدت في الحضر ". ومنها قول النووي (¬8): أن المراد بقولها " فرضت " يعني لمن أراد الاقتصار عليه، وهذا أشد تعسفا من الوجه الذي قبله.
الحجة الثالثة: ما في الصحيح. ......................................
¬_________
(¬1) ذكره الحافظ في " الفتح " (1/ 464).
(¬2) في صحيحه (5).
قلت: وأخرجه أحمد (1) وأبو داود رقم (1247) والنسائي (3 - 119) وابن ماجه رقم (1072). وهو حديث صحيح.
(¬3) ذكره الحافظ في " الفتح " (1/ 464).
(¬4) في الصحيحه رقم (305).
(¬5) في صحيحه رقم (2738).
(¬6) في " السنن الكبرى " (3) وقال المحدث الألباني في تعليقه على الصحيح ابن خزيمة: " في إسناده ضعيف. .. وقد أخرجه أحمد (6، 265) من طريقين عن داود به منقطعا " اهـ.
(¬7) في شرحه لصحيح مسلم (2/ 570).
(¬8) في شرحه لصحيح مسلم (5).

الصفحة 3135