كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 6)

عجبت منه، فسألت رسول الله فقال: " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقتة " قالوا: فقوله: " صدقة " يدل على عدم الوجوب.
ويجاب عن هذا بأن محل النزاع هو وجوب القصر، وقد قال: فاقبلوا صدقته " ومعنى الأمر الحقيقي الوجوب، فالحديث عليهم لا لهم.
الحجة الثالثة: ما روي أن الصحابة كانوا يسافرون مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فمنهم القاصر، ومنهم المتم، ومنهم الصائم، ومنهم المفطر؛ لا يعيب بعضهم على بعض. كذا قال النووي في شرح مسلم (¬1) وقد عزي هذا إلى صحيح مسلم (¬2) ولم نجده فيه (¬3).
ويجاب عنه بأن لم يكن فيه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - اطلع على ذلك وقررهم عليه. وقد نادت أقواله وأفعاله بخلاف ذلك. وقد أنكر جماعة منهم على عثمان لما أتم بمنى (¬4).
والحجة الرابعة لهم: ما أخرجه النسائي (¬5)، والدارقطني (¬6)، البيهقي (¬7)، عن عائشة قالت: خرجت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في عمرة في رمضان فأفطر
¬_________
(¬1) (7 - 237).
(¬2) بل أخرجه مسلم في صحيحه رقم (99/ 1118).
(¬3) قلت: وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (1947): عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنا نسافر مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (97) من حديث أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله.
(¬4) انظر " فتح الباري " (2).
(¬5) في " السنن " (3).
(¬6) في " السنن " (2 رقم 44) وقال: هذا إسناد صحيح.
وأخرجه (2 رقم 39، 40) وقال: الأول متصل وهو إسناد حسن وعبد الرحمن قد أدرك عائشة ودخل عليها وهو مراهق وهو مع ابيه وقد سمع منها. وقد تقدم وهو حديث ضعيف.
(¬7) في " السنن الكبرى " (3/ 142) وقال إسناده صحيح.

الصفحة 3138