كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 6)

الاحتمال بالإجماع، وذلك غير حاصل ههنا. وأيضا الآية الثانية لا تصلح لنسخ جميع ما دلت عليه الأولى، على تسليم تأخرها، لأنها اشتملت على ما هو أخص مما اشتملت عليه مطلقا، والخاص لا ينسخ العام (¬1)، وغايتة أنها تصلح لنسخ ما تناولته على فرض تأخرها تأخرا متراخيا على ما ذهب إليه بعض أهل الأصول.
والجواب الثاني: أنه أريد بالإنسان (¬2) الكافر، ذكره أيضًا صاحب الكنز، ويجاب عن هذا الجواب بأن الإنسان يشتمل الكافر والمسلم لغة وشرعا وعرفا، فتخصيصه بالكافر إن كان بالسبب، أو بالسياق على فرض دلالتهما، أو أحدهما على ذلك، فهما لا يصلحان له لأن العام لا يقصر على سببه، ولا على ما دل عليه السياق كما تقرر في الأصول (¬3)، وإن كان الدليل آخر فما هو؟.
الجواب الثالث: أن ذلك ليس للإنسان من طرق العدل، وهو له من طريق الفضل، ذكره صاحب شرح الكنز أيضا، ويجاب عنه بأن الآية تقضي بعمومها على أن ذلك ليس للإنسان من غير فرق بين العدل والفضل، فالتخصيص بأحدهما لا بد له من دليل فما هو؟.
الرابع: أن اللام في قوله: " للإنسان " لمعنى على كما في قوله تعالى: (ولَهُمُ اللَّعْنَةُ)، أي: عليهم، ذكره أيضًا صاحب شرح الكنز، ويجاب بأن ورود اللام بمعنى على قليل نادر كما صرح بذلك أئمة اللغة (¬4) والإعراب، والتنازع فيه [1] يحمل
¬_________
(¬1) انظر " الكوكب المنير " (3).
(¬2) قال الربيع بن أنس: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) يعني الكافر وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره.
وقال الرازي في تفسيره (29) قيل: المراد من الإنسان الكافر دون المؤمن وهو ضعيف.
(¬3) انظر " الكوكب المنير " (3/ 187) " تيسير التحرير " (1).
(¬4) انظر " مغني اللبيب " (1 - 213).

الصفحة 3164