كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 6)

فإن قلت: ربما كان سبب مصير [2] الثواب إلى المستأجر مجموع النية من التالي والأجرة.
قلت: لا شك أنه إذا جاز للإنسان تصيير هذا العمل إلى غيره بعوض جاز له تصييره إلى غيره بغير غوض، والأشباه والنظائر متفقة على ذلك، فإن لم يكن ذلك من باب فحوى الخطاب فهو من باب لحن الخطاب.
فإن قلت: ربما كان ما في الحديث مختصا بالرقية التي هي السبب في ذلك.
قلت: لا يشك من له علم بأساليب كلا م العرب أن قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أحق ما أخذتم إلخ (¬1) يدل على جواز ما هو أعم من القصة، والعبرة بما يستفاد من اللفظ، لا بما يقتضيه السبب من الخصوص، كما تقرر في الأصول.
فإن قلت: قد زعم بعض الحنفية (¬2) أن الأجر المذكور في الحديث هو الثواب.
قلت: يرد هذا الزعم سياق القصة، فإنهم لم يسألوا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عن الثواب الذي هو النفع الأخروي. إنما سألوه عن حل ما أخذوه من الأجرة.
الدليل الثاني: ما أخرجه. ...............................................................
¬_________
(¬1) وهذه زيادة في رواية البخاري عن ابن عباس رقم (2537).
(¬2) قال القرطبي في " المفهم " (5): وقد حرم أبو حنيفة أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وكذلك أصحابه تمسكا بأمرين:
أحدهما: أن تعلم القرآن وتعليمه واجب من الواجبات، التي تحتاج إلى التقرب والإخلاص فلا يؤخذ عليها أجر كالصلاة والصيام.
ثانيهما: ما رواه أبو داود رقم (3416) من حديث عبادة بن الصامت قال: علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن، وأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت: ليست بمال، وأرمي عليها في سبيل الله. فلآتين رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلأ سألنه فأتيته فسألته فقال: " إن كنت تحب أن تطوق قوسا من نار فاقبلها " وهو حديث صحيح.

الصفحة 3167