كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 6)

فإن قلت: قد قيل أن المراد بالأموات في الحديث هم الأحياء الذين حضرتهم المنية.
قلت: هذا مجاز لا يجوز المصير إليه إلا لعلاقة وقرينة، فأين هما؟ حتى يخرج عن المعنى الحقيقي للفظ الأموات، على أنه يدفع دعوى ذلك المجاز ما أخرجه في مسند (¬1) الفردوس من طريق مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو، عن شريح، عن أبي الدرداء، وأبي ذر قالا: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " ما من ميت، فيقرأ عنده يس إلا هون الله عليه ". وأخرج أبو الشيخ (¬2) عن أبي ذر وحده في فضل القرآن، وقال أحمد في مسنده (¬3): حديثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان قال: كانت المشيخة يقولون: إذا قرئت يعني: يس لميت خفف الله عنه بها.
الدليل الرابع: القياس على ما ورد في الحج عن الميت من غير الولد، كما في حديث المحرم عن شبرمة (¬4)، ولم يستفصله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هل أوصى شبرمة أم لا؟ والجامع كون الجميع قربة بدنية.
الدليل الخامس: القياس على الحديث الصحيح المتفق عليه (¬5): " من مات وعليه صيام، صام عنه وليه " والولي أعم من الولد، والجامع ما تقدم.
الدليل السادس: القياس على الدعاء، فإنه يلحق الميت من غير وصية، [4] ومن الولد وغيره بنص قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا. ..................................
¬_________
(¬1) (4» رقم 6099).
(¬2) عزاه إليه السيوطي في " الدر المنثور " (7).
(¬3) (4) وقد تقدم آنفا.
(¬4) أخرجه أبو داود رقم (1811) وابن ماجه رقم (2093) وابن الجارود رقم (499) والبيهقي (4) والطبراني في الكبير رقم (12419). وهو حديث صحيح.
(¬5) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1952) ومسلم رقم (1147).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (2400) وأحمد (6/ 69).

الصفحة 3172