كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 6)

حديث أبي هريرة في الصحيح (¬1) أيضًا أن الله - سبحانه - قال: (نعم)، وأخرج سعيد ابن منصور (¬2)، وابن جرير (¬3)، وابن أبي حاتم (¬4) عن حكيم بن جابر قال -: لما نزلت: (آمَنَ الرَّسُولُ. ... .) قال جبريل للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: إن الله قد أحسن الثناء عليك وعلى أمتك، فسل تعطه " فقال (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.) حتى ختم السورة.
وإذا قد ثبت بالقرآن، بالحديث الصحيح (¬5) في تفسير أن الله - سبحانه - قال عقب كل دعوة من هذه الدعوات (قد فعلت)، أو قال (نعم) فمغفرة [3ب] النسيان والخطأ مستفادة من قوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ومن مغفرة ما استنكره الإنسان عليه مأخوذة من قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ومن قوله: (وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) ومن قوله: (وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) ووجه كونه مأخوذ من ذلك أن المستكره لو كلف بما استكره عليه كان مكلفا بغير وسعه، وكان قد حمل إصرا عظيما، وكان قد كلف بما لا طاقه له به، ومما يؤيد ذلك في كتاب الله - سبحانه - قول الله - عز وجل -: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (¬6) وقال: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ
¬_________
(¬1) مسلم في " صحيحه " رقم (199).
(¬2) في "سننه " (3 رقم 478).
(¬3) في "جامع البيان " (3ج3/ 153 - 154).
(¬4) في " تفسيره " (2 رقم 3070).
(¬5) أنظر: الحديث رقم (199) و (200) عند مسلم وقد تقدم.
وانظر تفسير ابن كثير (1 - 738).
(¬6) [الحج: 87].

الصفحة 3206