كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 7)

ومما يرشدك إلى صحة هذه الطريقة التي ذكرناها أعني: أن حديث العوالي كالنص في رمضان وقوع الإجماع الذي سنبينه على لزوم الإمساك. ولو كان دلالته على ذلك بالقياس فقط لوقع الاختلاف فيه على حد الاختلاف في العمل بالقياس والتخصيص به. ولو سلمنا عدم ثبوت هذا الحكم في رمضان بالنص بل قلنا أنه بالقياس كما صرح به الأكثر لما كان ذلك قادحا في رجحان هذا المذهب؛ فإن التعبد بالقياس عقلا (¬1) وسمعا، أو سمعا فقط، أو عقلا فقط، مذهب جميع الأمة إلا الإمامية، وتابعهم شذوذ من معتزلة بغداد (¬2). وناهيك أن الظاهرية المشهورين بنفي القياس قائلون بالتعبد به عقلا (¬3)، ولا يشك عارف أن حديث: " لا صيام لمن لم يبيت النية " (¬4) عام لصوم الفرض، والنفل،
¬_________
(¬1) انظر " البحر المحيط (5/ 16)، " اللمع " (ص 53 - 54)، " إرشاد الفحول (ص 659).
(¬2) انظر " المحصول " (5/ 23) " البحر المحيط " (5/ 16).
(¬3) انظر " التبصرة " (ص 419)، " إرشاد الفحول " (ص 662).
(¬4) أخرجه أبو داود رقم (2454) والترمذي رقم (730) والنسائي (4/ 196 رقم 2334) واللفظ له.
وابن ماجه رقم (1700) وابن خزيمة رقم (1933) والدارقطني (2/ 172) والدارمي (2/ 6 - 7) والبيهقي في " السنن الكبرى " (4/ 202) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2/ 54) وأحمد (6/ 287) كلهم من حديث حفصة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأورده النووي في " المجموع " (6/ 289) وقال: " والحديث حسن يحتج به اعتمادا على رواية الثقات الرافعين والزيادة من الثقة مقبولة ".
قلت: وهناك فرق خلاف بين العلماء في رفع الحديث ووقفه، فذهب فريق إلى أنه مرفوع وبه قال الحاكم، والدارقطني، وابن خزيمة وابن حزم وابن حبان.
وذهب فريق إلى أنه موقوف ولا يصح رفعه وبه قال البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وأحمد. انظر " فتح الباري " (4/ 142) وتلخيص الحبير (2/ 200). والخلاصة أن الحديث حسن والله أعلم.

الصفحة 3245