كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 7)

الله عليه وسلم - قال: " من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم " قال: يا رسول الله، وما يغنيه؟ قال: " ما يغديه أو يعشيه ".
القول السادس: لأبي طالب والمرتضى (¬1): أن الغني الذي تحرم عليه الصدقة من كان له غلة أرض تكفيه للسنة، ولعل وجه ذلك أنه لا يستغني عن الناس إلا بما يكفيه عن سؤالهم، وهو ضعيف.
وأرجح هذه الأقوال القول الثاني، لاشتماله على الزيادة المقبولة التي وقعت غير مخالفة للمزيد، وبذلك يجمع بين الأحاديث المختلفة، فمن كان له خمسون درهما أو قيمتها فهو الغني الذي يحرم عليه أخذ الصدقة ما دام كذلك.
الطرف الثاني من أطراف السؤال
قوله: إذا كان ذا عيلة، وعنده خمسون درهما، أو أكثر , ولا يكفي عائلته ربع سنته فهل له أن يطلب ما يكفيه جميع سنته من الزكاة أم لا؟.
أقول: أما هو فلا يحل له أن يطلب لنفسه، لأنه قد صار غنيا، ولا تحل الصدقة لغني، وأما عائلته فلهم أن يأخذوا من الزكاة القدر الذي لا يصيرون به أغنياء، فإن ذهبت النفقة بما في أيديهم جاز لهم أن يأخذوا من الزكاة، ثم كذلك، وهوة إذا ذهبت النفقة بما في يده جاز له أن يأخذ من الصدقة، وليس المراد هنا إلا أن يصير من كان مالكا للخمسين الدرهم مالكا لدونها. فإذا نقص من الخمسين درهما درهم جاز له أن يأخذ من الزكاة. وليس المراد أنه لا يجوز له الأخذ حتى يستنفق جميع الخمسين الدرهم.
الطرف الثالث من أطراف السؤال
قوله: " فإن قلتم لا يحل له أن يطلب، فهل إذا جاءه شيء بلا طلب يحل له أخذه أم لا؟ ".
¬_________
(¬1) انظر " البحر الزخار " (2/ 175).

الصفحة 3261