كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 7)

وصححه من حديث سمرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطانا أو في أمر لا بد له منه ".
فهذا الحديث يدل على أنه يجوز السؤال لغير السلطان في الأمر الذي لا بد منه، فيكون هذا الحديث مقيدا لحديث النهي عن مطلق السؤال، وأيضا قد ثبت عند أحمد (¬1) وأبي داود (¬2)، والترمذي (¬3) وحسنه من حديث أنس عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " المسألة لا تحل إلا لثلاثة، لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع ".
فهذا الحديث فيه جواز المسألة لهؤلاء الثلاثة من غير تقييد بكون ذلك السؤال لذي سلطان.
وإذا تقرر هذا فسؤال الأمير المتولي على بلد من البلدان جائز على كل حال، لأنه إن كان مفوضا من الإمام فيده كيد الإمام، وإن لم يكن مفوضا فهو من جملة من عنده من أموال الله التي وزعها بين عباده كما يقتضيه نص القرآن بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (¬4) الآية.
الطرف الخامس من أطراف السؤال
قوله: وإذا اجتمع أموال كثيرة من بلدان مغصوبة، نقد أو بر أو غيره من المأكول، وفيه شيء قدر الخمس من الزكاة مختلط به، وهذه الأموال مجهولة أربابه أو لم تجهل، وتعذر رده إليهم لعدم تميزه أو غير ذلك، فهل يحل أخذه للغني أو لا يحل للغني، ويحل
¬_________
(¬1) في " المسند " (3/ 114، 126، 127).
(¬2) في " السنن " رقم (1641).
(¬3) في " السنن " رقم (1218) وقال: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان. إسناده ضعيف لجهالة حال أبي بكر الحنفي، وللقطعة المذكورة هنا وهي قوله: " المسألة .... " شواهد تصح بها. .
(¬4) [التوبة: 60].

الصفحة 3264