كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (اسم الجزء: 8)

المذاينات: جمع ماذيان وهو النهر الكبير، وهذه اللفظة ليست عربية، وإنما هي من لغة أهل السواد، والجداول: الأنهار الصغار. وأقبالها: أوائلها. وفي بعض روايات رافع: كان تكرى الأرض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بما ينبت على الأربعاء (¬1) بشيء يستثنيه صاحب الأرض، قال: فنهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك. رواه أحمد (¬2) والبخاري (¬3) والنسائي (¬4).
القول الرابع: المنعُ إنْ كاتبَ المعاملَة بنصيب مجهول، والجوازُ إن كان النصيبُ معلومًا، وهو أخصُّ من القول الثالث، وتمسُّكهم ببعض ما سبق من حديث رافعٍ.
القول الخامس: المنعُ إن فسِّرتْ ببيع الكدسِ بكذا وكذا كما وقع في بعض الروايات عن جابر، لكونه نوعًا من الربا، والجوازُ فيما عدا ذلك مطلقًا، وممن ذهب إلى هذا العلامةُ الجلالُ (¬5)، وابنُ حزم (¬6). ولا متمسَّكَ لهم إلاَّ ذلك التفسيرُ.
القولُ السادس: الكراهةُ مطلقًا. وممن ذهب إلى هذا القول العلامةُ المُقبليُّ.
وتمسّكوا بما سبق من قول ابن عباس أن النبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ لم ينهَ عنها، ولكن قال: "إن يمنحْ أحدُكم أخاه خيرٌ له من أن يأخذَ عليه خراجًا" (¬7) عند البخاري، وأحمدَ، وأبي داودَ، وابن ماجه.
وبما روي عنه أيضًا أن النبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ لم ينْهَ عن المزارعة، ولكن أمر أن يرفُقَ الناس بعضُهم ببعض. رواه الترمذي (¬8) صححه.
القول السابع: الجوازُ إذا كان البذرُ من ربِّ الأرض، والمنعُ إن لم يكن منه.
¬_________
(¬1) الرَّبيعُ: النهر الصغيرُ، والأربعاءُ: جمعُه. "النهاية" (2/ 188).
(¬2) في "المسند" (4/ 142).
(¬3) في صحيحه رقم (2339).
(¬4) في "السنن" رقم (3902).
(¬5) في "ضوء النهار" (3/ 1521).
(¬6) في "المحلى" (8/ 231 - 232).
(¬7) تقدم آنفًا.
(¬8) تقدم تخريجه.

الصفحة 3860